التي لا تلتقي في واقعها مع أصالة الرسالة والدعوة التي يدعو إليها الرسول، وإنّما غاية ما يدلّ عليه ذلك هو الإيمان بالمدلول الحرفي للشعار ممّا أشار إليه القرآن في بعض الموارد حين ميّز بين ادّعاء الإسلام والإيمان:
( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... ) (1) .
وهذه المظاهر من أخطر الظواهر التي واجهت الأديان الإلهيّة حيث تعرّضت للتحريف في العبادة والعلاقة مع الله تعالى مع الاحتفاظ بنفس المفاهيم والشعارات الأصليّة، ووجد المحرِّفون دائماً المسوغات والذرائع والعناوين التي يوجّهون فيها هذه الانحرافات.
ومن أجل ذلك تبنّى الإسلام مبدأ التوقيفيّة في العباد والتزم بأنّها منهجٌ معيّنٌ يضعه الله سبحانه للإنسان ليصوغ به غريزة التديّن وإحساسه بالدين، ويحدّد فيه شكل العلاقة بالله تعالى وصيغتها، ولا يصح للإنسان أن يتصرّف في هذا الأمر بحسب ميوله أو اجتهاده للتعبير عن هذه العلاقة؛ والسر في ذلك كلّه هو أنّ طبيعة هذه العلاقة بين الله تعالى والإنسان إنّما هي علاقة غيبيّة؛ لأنّ طرفها الآخر هو الله تعالى ولا يمكن للإنسان - وهو موجود مادّي - أن يدرك الطريق الذي يوصله للتقرّب إلى الله تعالى بنفسه، فلا بُدّ له من أجل تحقيق ذلك أن يشخّص الله تعالى هذا الطريق، فقد يكون ما يتصوّره الإنسان مقرِّباً إلى الله مبعداً عنه، كما جاء ذلك في بعض النصوص التي وردت عن أهل البيت (عليهم السلام).
لقد تناولت الموضوعات السابقة من قصّة موسى بعض التفاصيل عن الحياة والسيرة الشخصيّة لموسى خصوصاً الوقت الذي سبق بعثته (عليه السلام).
________________________
(1) الحجرات: 14.