حكمته في صنعه وما يخفى عليهم من أسراره في خلقه.
الثانية:
إنّ الله سبحانه لطيف بعباده رحيم بهم، يعمل على معالجتهم بوجوه اللطف والرحمة، فهو يهدي الملائكة في حيرتهم ويجيبهم عن سؤالهم عندما يطلبون الدليل والحجّة، بعد أن يرشدهم إلى واجبهم من الخضوع والتسليم:
( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ* وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ ) (1) .
وأمّا الخلف فقد حاولوا إيضاح المفاهيم التي وردت في هذا المقطع القرآني ليتجلّى بذلك معنى استخلاف الله سبحانه وتعالى لآدم، وسوف نعرض هنا أهم هذه المفاهيم المرتبطة بقضيّة الاستخلاف، مع ذكر الآراء المختلفة فيها ثمّ نتحدّث عن المعنى العام للمقطع القرآني:
الخليفة بحسب اللُّغة: من خلف من كان قبله وقام مقامه وسدّ مسدّه، وتُستعمل - أيضاً - بمعنى النيابة (2) ، ومن هذا المنطلق يُطرح هذا السؤال : لماذا سُمّي آدم خليفة؟
توجد هنا عدّة آراء:
الأوّل:
إنّ آدم سُمّي خليفة؛ لأنّه خلف مخلوقات الله سبحانه في الأرض، وهذه المخلوقات إمّا أن تكون ملائكة، أو يكونوا الجنّ الذين أفسدوا في الأرض وسفكوا فيها الدماء، كما رُوي عن ابن عبّاس، أو يكونوا آدميّين آخرين قبل آدم هذا.
الثاني:
إنّه سُمّي خليفة؛ لأنّه وأبناءه يخلف بعضهم بعضاً، فهم مخلوقات تتناسل ويخلف بعضها بعضها الآخر، وقد نُسب هذا الرأي إلى الحسن البصري.
الثالث:
إنّه سُمّي خليفة؛ لأنّه يخلف الله سبحانه في الأرض؛ وفي تفسير هذه
________________________
(1) البقرة: 30 - 31.
(2) مفردات الراغب: مادّة (خلف).