أُريد منه هذا النوع من الاستخلاف:
( وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) (1) .
وكذلك يخلف الإنسان الله في الأرض بعلمه بالأسماء والمعارف والكمالات التي يتكامل من خلالها ويسير بها نحو الله تعالى.
ولعلّ ما ذكره الشيخ محمد عبده إنّما يُمثّل السر في منح الإنسان هذه الخلافة؛ لأنّه يتميّز بهذه المواهب والقوى والقابليّات:.
لقد ذكر المقطع القرآني أنّ جواب الملائكة عن إخبارهم بجعل آدم خليفةً في الأرض أنّهم تساءلوا عن سبب انتقاء هذا الخليفة الذي يُفسِد في الأرض، فكيف عرف الملائكة هذه الخصّيصة في هذا الخليفة، وهنا عدّة آراء:
الأوّل:
إنّ الله سبحانه وتعالى أعلمهم بذلك؛ لأنّ الملائكة لا يمكن أن يقولوا هذا القول رجماً بالغيب وعملاً بالظن (2) .
الثاني:
إنّهم قاسوا ذلك على المخلوقات التي سبقت هذا الخليفة الذي سوف يقوم مقامها، كما يُشير إلى ذلك بعض الروايات والتفاسير (3) .
الثالث:
إنّ طبيعة الخلافة تكشف عن ذلك بناءً على الرأي الأوّل من المذهب الثالث في معنى الخلافة، حيث يُفترض الاختلاف والنزاع، ولازمه الفساد في الأرض وسفك الدماء، كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره.
الرابع:
إنّ طبيعة الخليفة نفسه تقتضي ذلك، وهنا رأيان:
أ - إنّ المزاج المادّي والروحي لهذا المخلوق الذي يريد أن يجعله الله خليفة.
________________________
(1) الأعراف: 74.
(2) التبيان 1: 132.
(3) المصدر السابق: 133.