القرآن الكريم يُشير إلى أنّ الإنسان الصالح المخلص يكون خارجاً عن قدرة إبليس ومكره، ومن ثمَّ فهو مهيمن على هذه القوّة الشيطانية:
( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (1) .
وهناك سؤالٌ آخر عن حقيقة إبليس وأنّه من الملائكة أو الجن، حيث ورد في القرآن الكريم وصفه بكلا هذين العنوانين:
فإذا كان من الملائكة فكيف يعصي الله تعالى، وقد وصف الله تعالى الملائكة بأنّهم ( ... عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) (2) لا يخالفون و ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ) (3) ، وهم بأمره يعلمون.
وإذا كان من الجن فلماذا وُضع إلى جانب الملائكة في هذه القصّة؟
وتُذكر عادةً للاستدلال على أنّ إبليس من الجن وليس من الملائكة ويختلف عن طبيعة الملائكة عدة شواهد، إضافةً إلى وصف القرآن الكريم له بذلك، ومن هذه الشواهد أنّ أوصاف الملائكة لا تنطبق على إبليس، حيث إنّهم وُصفوا بالطاعة وقد تمرّد إبليس، ووُصفوا بأنّهم رُسُل:
( ... جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ... ) (4) ، ومن هذه الشواهد أنّ الملائكة لا ذرّيّة لهم، إذ لا يتناسلون ولا شهوة لهم، وأمّا إبليس فله ذرّيّة كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك:
( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي... ) (5) .
________________________
(1) ص: 82 - 83.
(2) الأنبياء: 26.
(3) التحريم: 6.
(4) فاطر: 1.
(5) الكهف: 50.