3%

ولكنّ هذه الشواهد لا تكفي في عدّ إبليس من الجن في مقابل الملائكة؛ وذلك لأنّ وصف القرآن لإبليس بأنّه من الجن يمكن أن يكون من ناحية أنّ بعض الملائكة يوصف بأنّه جن، إن لم يكن هذا الوصف عامّاً لهم؛ لأنّ الجن مأخوذ من الخفاء والستر، والملائكة مستورون عن عوالمنا ومشاهدنا.

كما نُلاحظ هذا الوصف في نسبة الملائكة إلى الله تعالى عند المشركين، حيث افترضوا أنّ الملائكة هم بنات الله - على ما ورد في القرآن الكريم - وفي نفس الوقت يصف القرآن الكريم هؤلاء الملائكة بأنّهم جِنّة:

( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً... ) (1) .

كما أنّ الطاعة ليست صفةً لازمةً لعنوان الملائكة، بل نلاحظ في القرآن الكريم حصول التمرّد لدى بعض الملائكة كما في المَلَكين هاروت وماروت (2) .

وكذلك موضوع (الذرّيّة) فإنّها يمكن أن تكون من الخصوصيّات التي أُختصّ بها إبليس ليقوم بهذا الدور الخاص له في حياة الإنسان.

نعم يوجد في بعض الروايات ما يُشير إلى أنّ إبليس كان من الجن وليس من الملائكة، وإنّما كان يعاشرهم وأنّهم كانوا يظنون أنّه منهم، ولكن لا يمكن الاعتماد على مثل هذه الروايات.

هل خُلِق آدم للجَنَّة أم للأرض؟

وهناك سؤال آخر وهو آدم هل خُلِق للأرض كما يبدو ذلك في أوّل المقطع الشريف:

( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً... ) (3) ، أو أنّه مخلوق للجنّة وبعد العصيان طُرد للأرض، كما يُفهم ذلك من القِسم الثاني من هذا

________________________

(1) الصافات: 158.

(2) البقرة: 102.

(3) البقرة: 30.