3%

وبيضته على رأسه.

فقالوا له: ضع سلاحك

فقال: إن تركتموني هكذا وإلاّ رجعت، فقال رستم: ائذنوا له.

فأقبل يتوكّأ على رمحه، فقال له: ما جاء بكم

فقال: الله أبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام (1) .

هكذا استطاع القرآن عن طريق زرع الإيمان بالله، وتربية المسلمين على التوحيد، والشعور بالعبودية لله وحده، استطاع عن هذا الطريق أن يجعل من أُولئك الذين كانوا يخضعون للحجارة، ويدينون بسيادتها أُمّة موحّدة لا تخضع إلاّ لله، ولا تتذلّل لقوّةٍ على وجه الأرض ولا تستكين لجبروت الملك وعظمة الدنيا، ولو في أحرج اللحظات وتمتد بأهدافها نحو تغيير العالم، وهداية شعوب الأرض إلى التوحيد والإسلام، وإنقاذها من أسر الوثنيّة، ومختلف العبوديات للآلهة المزيّفة والأرباب المصطنعة.

ب - تحرير القرآن للعقول:

كانت الأساطير والخرافات شائعةً بين العرب، نظراً لانخفاض مستواهم الفكري، وأُمّيّتهم بصورةٍ عامّة، فكانوا يعتقدون - مثلاً - أنّ نفس الإنسان طائر ينبسط في جسم الإنسان، فإذا ما مات أو قتل يكبر هذا الطائر حتّى يصير في حجم البوم، ويبقى أبداً يصرخ ويتوحّش ويسكن في الديار المعطّلة والمقابر ويسمونه إلهام.

كما كانوا يعتقدون بالغِيلان ويؤمنون بأساطيرها، ويزعمون أنّ الغول يتغوّل لهم في الخلوات، ويظهر لخواصّهم في أنواع من الصور، فيخاطبونها وربما ضيّفوها، وكانت لهم أبيات من الرجز يتناقلون حفظها، ويعتقدون أنّ فائدتها هي طرد الغِيلان إذا اعترضتهم في طريقهم وأسفارهم، إلى غير ذلك من العقائد الخرافية التي كانوا يؤمنون بها.

________________________

(1) البداية والنهاية 7 : 46.