3%

( أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) (1) .

ولم يكتف القرآن بالحث على دراسة الكون وما فيه من أسرار، بل ربط ذلك بالإيمان بالله وأعلن أنّ العلم هو خير دليلٍ للإيمان بالله وأنّ الإيمان يتأكّد كلّما ازداد اكتشاف الإنسان وتقدّم في ميادين العلم؛ لأنّه يطّلع على عظيم آيات الله، وحكيم صنعه وتدبيره، قال الله تعالى:

( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (2) .

وبذلك أعطى القرآن مفهوم مواكبة الإيمان للعلم، وأنّ العقيدة بالله تتمشّى مع العلم على خطٍّ واحد، وأنّ اكتشاف الأسباب والقوانين في هذا الكون يعزِّز هذه العقيدة بأنّه يكشف عن عظيم حكمة الصانع وتدبيره.

وعلى أساس هذا الموقف القرآني، وما رفضه من التقليد، وما شجّع عليه من التفكير والتدبّر كانت الأُمّة التي صنعها الكتاب الكريم مصدر العلم والثقافة في العالم، بدلاً من خرافات البوم والغِيلان، حتّى اعترف المؤرّخون الأوربيّون بهذه الحقيقة أيضاً؛

فقال الدوري الوزير والمؤرِّخ الفرنسي:

(إنّ النبي جمع قبائل العرب أُمّة واحدة رفعت أعلام التمدّن في أقطار الأرض، وكانوا في القرون المتوسّطة مختصّين بالعلوم، من بين سائر الأُمم، وانقشعت بسببهم سحائب البربريّة التي امتدّت على أُوربّا).

ج - تحرير القرآن للإنسان من عبوديّة الشهوة:

كما حرّر القرآن عقيدة الإنسان من الوثنيّة وعقله من الخرافة كذلك حرّر إرادته من سيطرة الشهوة، فصار الإنسان المسلم - نتيجة لتربية القرآن له - قادراً

________________________

(1) الغاشية: 17 - 20.

(2) فُصّلت: 53.