3%

النصر وغيرها، صحيح أنّه يغلب على الظن حينذاك أنّ السورة مكّيّة لقِصَرها وإيجازها، ولكنّ الأخذ بالظن لا يجوز لأنّه قولٌ من دون علم:

( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ... ) (1) .

وإذا ما أدّت تلك المقاييس إلى الاطمئنان والتأكّد من تأريخ السورة وأنّها مكّيّة أو مدنيّة فلا بأس بالاعتماد عليها عند ذاك.

ومثاله النصوص القرآنية التي تشتمل على تشريعات للحرب والدولة مثلاً، فإنّ هذه الخصّيصة الموضوعيّة تدل على أنّ النص مدني؛ لأنّ طبيعة الدعوة في المرحلة الأولى التي عاشتها قبل الهجرة لا تنسجم إطلاقاً مع التشريعات الدولية، فنعرف من أجل هذا أنّ النص مدني نزل في المرحلة الثانية من الدعوة، أي في عصر الدولة.

شبهات حول المكّي والمدني

المقدّمة:

لقد كان موضوع المكّي والمدني من جملة الموضوعات القرآنية التي أُثيرت حولها الشُبهة والجدل، وتنطلق الشُبهة هنا من أساسٍ هو:

إنّ الفروق والميزات التي تُلاحظ بين القِسم المكّي من القرآن الكريم والقِسم المدني منه، تدعو في نظر بض المستشرقين إلى الاعتقاد بأنّ القرآن قد خضع لظروف بشريّة مختلفة - اجتماعية وشخصية - تركت آثارها على أُسلوب القرآن وطريقة عرضه، وعلى مادّته والموضوعات التي عنى بها.

ويجدر بنا قبل أن ندخل في الحديث عن الشُبهات ومناقشتها أنْ نلاحظ الأمرين التاليين، لما لهما من تأثير في فهم البحث ومعرفة نتائجه:

________________________

(1) الإسراء: 36.