3%

التحدّي بالسورة القصيرة أروع وأبلغ منه حين يكون بسورةٍ مفصّلة.

ج - لم يتناول القِسم المكّي في مادّته التشريع والأحكام:

وقالوا:

إنّ القِسم المكّي لم يتناول - فيما تناول من موضوعات - جانب التشريع من أحكام وأنظمة، بينما تناول القِسم المدني هذا الجانب من التفصيل.

وهذا يعبِّر عن جانبٍ آخر من التأثُّر بالبيئة والظروف الاجتماعية، حيث لم يكن مجتمع مكّة مجتمعاً متحضِّراً، ولم يكن قد انفتح على معارف أهل الكتاب وتشريعاتهم، على خلاف مجتمع المدينة، الذي تأثَّر إلى حدٍّ بعيد بالثقافة والمعرفة للأديان السماوية كاليهودية والنصرانية.

وتُناقش هذه الشُبهة بالأمرين التاليين أيضاً:

أوّلاً:

إنّ القِسم المكّي لم يهمل جانب التشريع، وإنّما تناول أُصوله العامّة وجملة مقاصد الدين، كما جاء في قوله تعالى:

( قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ... ) (1) .

كما طُرحت من خلاله مجمل النظريّات والتصوّرات القرآنية حول الكون والحياة والمجتمع والإنسان...

إضافةً إلى أنّنا نجد في القسم المكّي، وفي سورة الأنعام (2) بالخصوص، مناقشةً لكثيرٍ من تشريعات أهل الكتاب والتزاماتهم، وهذا يدل على معرفة القرآن الكريم بهذه التشريعات وغيرها مسبقاً.

________________________

(1) الأنعام: 151 - 152.

(2) الآيات: 119 - 121 و 138 - 146.