20%

مما يقتضيه وجود الفرح والسرور بذلك المولد المبارك ، من إيقاد الشمع ، وإمتاع البصر والسمع ، والتزيّن بلباس فاخر الثياب ، وركوب فاره الدواب أمر مباح لا ينكر على أحد(١) .

وعن ابن حجر أنّه قال : وأمّا ما يعمل فيه فينبغي الاقتصار على ما يفهم منه الشكر لله تعالى من التلاوة ، والإطعام ، والصدقة ، وإنشاد شيء من المدائح النبويّة والزهدية … وأمّا ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك ، فما كان من ذلك مباح ، بحيث لا ينقص السرور بذلك اليوم ، لا بأس بإلحاقه به ؛ وأمّا ما كان حرام ، أو مكروه ، فيمنع. وكذا ما كان خلاف الأولى(٢) .

ابن تيميّة والغناء في العيد

وقد أوضح ابن تيمية أنّ العيد لا يختص بالعبادة ، والصدقات ونحوه ، بل يتعدّى ذلك إلى اللعب ، وإظهار الفرح أيضاً.

وقد رأى ابن تيميّة أنّ لذلك أصلاً في السنّة ، أي في الرواية التي تذكر أنه قد كان عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جوار يغنين ، فدخل أبو بكر فأنكر ذلك ، وقال : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله ؟ فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ لكل قوم عيد ، وإنّ عيدنا هذا اليوم(٣) .

وأضاف : إنّ المقتضي لما يفعل في العيد من الأكل والشرب ، واللباس والزينة ، واللعب والراحة ونحو ذلك ، قائم في النفوس كله ، إذا لم يوجد مانع ، خصوصاً نفوس الصبيان والنساء ، وأكثر الفارغين(٤) .

ولكننا نعتقد أنّ الرواية المتقدّمة لا أساس لها من الصحة ؛ لأن الروايات في ذلك متضاربة ومتناقضة ، ولأن أكثرها يدلّ على حرمة الغناء ، حيث لا يعقل أن يحلل الشارع ما يعتبره العقلاء من مزامير الشيطان… إلى آخر ما ذكرناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ٢ / ٣١٤ - ٣٢٩ ، فليراجع…

الغناء في العيد عند أهل الكتاب

والغريب في الأمر أننا نجد ابن كثير الحنبلي حينما وصل به الكلام إلى الحديث عن مريم أخت عمران ، التي كانت في زمان موسى ، يقول :

____________________

(١) راجع : القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ١٧٥.

(٢) تلخيص من رسالة حسن المقصد للسيوطي ، والمطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم / ٩٠.

(٣) اقتضاء الصراط المستقيم / ١٩٤ - ١٩٥ , والرواية في / ١٩٣ عن الصحيحين وراجع : صحيح البخاري ١ / ١١١ طبعة الميمنية ، وصحيح مسلم ٣ / ٢٢ ، والسيرة الحلبيّة ٢ / ٦١ - ٦٢ ، وشرح مسلم للنووي بهامش إرشاد الساري ٤ / ١٩٥ - ١٩٧ ، ودلائل الصدق ١ / ٣٨٩ ، وسنن البيهقي ١٠ / ٢٢٤ ، واللمع لأبي نصر / ٢٧٤ ، والبداية والنهاية ١ / ٢٧٦ ، والمدخل لابن الحاج ٣ / ١٠٩ ، والمصنّف ١١ / ١٠٤ ، ومجمع الزوائد ٢ / ٢٠٦ عن الطبراني في الكبير.

(٤) اقتضاء الصراط المستقيم / ١٩٥.