تمهيد
الهداية القرآنيّة
قال الله سبحانه في كتابه في كتابه الكريم ، في مجال رسم الأسس والمنطلقات للدعوة الإلهية إلى سبيله :( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) .
فهذه الآية قد أعطت النظرة الشمولية للإسلام فيما يرتبط بسياسته الإعلامية ، ورسمت لهذه السياسة أسسها ومنطلقاتها بدقّة ، وبعمق يستوعب كلّ اتّجاهاتها ومناحيها ، ولسنا هنا في صدد بيان وتحديد ذلك ، ولكننا نشير إلى أمر ألمَحَت إليه الآية الكريمة ، ويهمّنا لفت النظر إليه ، والتوجيه نحو التأمّل فيه ، وهو : أنّ نهج القرآن وطريقته - كما ألمَحَت إليه الآية الشريفة - هو استثارة العقول ، ومحاكمة الناس إلى ضمائرهم ، وإرجاعهم إلى سليم الفطرة وإنصاف الوجدان …
ولم نجد القرآن قد حكم على أحد بالكفر أو بالفسق ، إلاّ ضمن ضوابط عامة ، يكون لكل أحد كامل الحرية في أن يطبّقها على نفسه أو لا يطبّقها.
أمّا أن يطبّقها على الآخرين بأشخاصهم وأعيانهم ، فليس له ذلك إلاّ في الحدود التي أجازها الإسلام ، ولم يرَ فيها ما يتنافى مع أيٍّ من اُصوله وقواعده ، أي في خصوص الموارد التي قبل بها الآخرون ، وأقرّوا بانطباقها على أنفسهم وفق الضوابط العامة التي يعرفها ويقرّ بها الجميع.
____________________
(١) سورة النحل / ١٢٥.