فإذا كان هؤلاء يستدلّون لعدم جواز الاحتفال بعيد المولد النبوي ونحوه ، بأنه لم يكن في زمن السلف - أعني الذين عاشوا في القرون الثلاثة الاُولى - فإنّ عليهم - والحالة هذه - أن يعتبروا عيد النيروز والمهرجان من الأعياد الإسلاميّة ؛ لأنها قد كانت في القرون الثلاثة ، ولم يعترض عليها أحد ، حتّى أحمد بن حنبل نفسه فضلاً عن غيره.
هذا ولا حاجة لنا لإثبات أنّ عيد الغدير إسلامي أصيل ، وقد كان في العصور الثلاثة الاُولى ، وعدم صحة قول المقريزي : أوّل ما عُرف في الإسلام بالعراق ، أيّام معز الدولة علي بن بويه ، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة ، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيداً(١) .
فإنّ هذا القول لا يصحّ ولا يمكن قبوله ، فقد قال المسعودي : وُلد عليرضياللهعنه ، وشيعته يعظّمون هذا اليوم(٢) .
والمسعودي قد توفّي قبل التاريخ المذكور ، أي في سنة ٣٤٦ ه-.
وروى فرات بن إبراهيم - وهو من علماء القرن الثالث - عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائهعليهمالسلام ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : (( يوم غدير خمٍّ أفضل أعياد اُمّتي ))(٣) .
ونجد أمير المؤمنين علياًعليهالسلام قد اعتبره عيد ، حيث إنهعليهالسلام خطب في سنة اتّفق فيها الجمعة والغدير ، فقال : (( إنّ الله عزّ وجلّ جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين )) والخطبة طويلة يأمرهم فيها - تفصيلاً - بفعل ما ينبغي فعله في الأعياد , وبإظهار البشر والسرور ، فمَن أراد فليراجع(٤) .
وقد روى فرات بسنده : عن فرات بن أحنف ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام : قال : قلت : جعلت فداك ! للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة ؟ قال : فقال لي : (( نعم ، أفضله وأعظمه ، وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، وأنزل على نبيّه محمد :( اليوم أكملتُ لكم دينَكم ) ))(٥) .
____________________
(١) الخطط للمقريزي ١ / ٢٨٨.
(٢) التنبيه والإشراف / ٢٢١ - ٢٢٢.
(٣) الغدير ١ / ٢٨٣.
(٤) مصباح المتهجّد / ٦٩٨ ، والغدير ١ / ٢٨٤ عنه.
(٥) الغدير ١ / ٢٨٤ – ٢٨٥ ، وتفسير فرات / ١٢.