المقدّمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّدٍ خاتم النبيّين وإمام المرسلين، وعلى آله الطيّبين، وصحبه المنتجبين إلى قيام يوم الدين، وبعد:
إنّ ممّا لا ريب فيه هو: أنّ الأديان السماويّة جميعاً كانت تبتني على أُسس فكريّة، ومبانٍ تشريعيّة، وأُصول محكمة في طرحها النظريّ والعمليّ لمسألة الدين وما فيه صلاح للبشر.
ولا يخفى أنّ الدين الإسلاميّ الحنيف كان في طليعة الأديان السماويّة، وأكثرها احتكاكاً بالحياة، وأنجحها تطبيقاً لمبادئه على الصعيد العمليّ، باعتبار تصدّيه لريادة وقيادة مختلف الأُمم على مدى عصور متتالية.
فمن المنطقيّ إذاً أن يمتلك هذا الدين الرصيد الأعلى من الأُسس والمباني والأُصول في تفكيره وطرحه، فكان الكتاب العزيز والسنّة النبويّة الشريفة هما أوّل وأكبر منهلين استُلهِمت منهما بيانات وأحكام الدين الإسلاميّ.
وقد انفرد هذا الدين العظيم عن الأديان السماويّة: بأن تكفّل الله سبحانه وتعالى حفظ كتابه من الضياع والاندثار والتحريف، فقال سبحانه:( إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ) (١) فلم يكن مصير القرآن المجيد مصير التوراة والإنجيل، وباقي الكتب السماويّة، التي طالتها يدُ التحريف والتزييف والتبديل.
إلاّ أنّ المصدر التشريعيّ الثاني أعني: سنّة رسول الله قد مُني بالوضع والتحريف
____________________
(١) الحجر: ٩.