في منع تدوين حديث رسول الله وأمره بحرق المدوّنات شيء آخر(١) .
ونحن في الوقت الذي لا نتناسى الفتوحات الإسلاميّة، لا نرتضي ما أصدره من أوامر في الإقلال من الحديث أو منع تدوينه!
نعم، قد خلط الكثير من الأعلام بين هاتين الناحيتين، فإنّك إذا اعترضت على دوره في الإفتاء أجابوك بفتوحاته، إنّ هذا ليدلُّ على تفكير غائم تنقصه الدقّة والتمييز.
إنّ اللياقة الشخصيّة في الإدارة العسكريّة، لا تعني بالضرورة القُدرة على امتلاك ناصية الإفتاء.
والدفاع عن حياض الدولة وتوسيع رقعة الخلافة، هي ممّا يطلبه الخليفة وممّا يعود عليه بالنَّفع كما يعود على المسلمين، ولا علاقة لهذا بالتكوين الثقافيّ للشخصيّة، فقد أطبق التاريخ على سموّ ورفعة موقف المعتصم حين استغاثت باسمه امرأة من المسلمين، لكنّ ذلك لم يمنع التاريخ من أن يشهد بأنّ المعتصم كان قليل الثقافة لا يملك رصيداً من العلم والفقه.
إلى هنا برزت أسماء آخرين من الذين خالفوا فقه عمر وآرائه في الصدر الأوّل الإسلاميّ، هم:
١٣ - عمّار بن ياسر.
١٤ - أبو سعيد الخدريّ والأنصار.
١٥ – أُبيّ بن كعب.
قال الأستاذ خالد محمّد خالد:
لقد ترك عمر بن الخطّاب النصوص الدينيّة المقدّسة من القرآن والسنّة عندما دَعَتْه المصلحة لذلك، فبينما يقسِّم القرآن للمؤلّفة قلوبهم حظّاً في الزكاة ويؤدّيه
____________________
(١) انظر تاريخ التمدّن الإسلاميّ لجرجي زيدان - (حرق مكتبة الإسكندريّة).