فحاكمتك، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين(١) .
وجاء في جواب معاوية على رسالة الإمامعليهالسلام هذه :
" قد علمتَ أنّي أطول منك ولايةً، وأقدم منك بهذه الأُمة تجربةً، وأكبر منك سنّاً، فأنت أحقّ أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي، ولك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما بلغ، تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أيّ كور في العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها لك في كلّ سنة، ولك أن لا يستولى عليك بالإساءة، ولا تقضى دونك الأمور، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة الله "(٢) .
تُصوّر هذه الرسالة بوضوح كيف أنّ مقام الخلافة الإلهية المقدّسة ليس عند معاوية إلاّ سلعةً تُشترى ويُدفع ثمنها من بيت مال المسلمين وليس من مال معاوية الخاص، وهي كذلك تؤكّد تعدّيه أمر الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو أمر الله تعالى له في استخلاف أئمة أهل البيتعليهمالسلام ونصبهم للإمامة من بعده.
٥ ـ تحرك معاوية نحو العراق وموقف الإمامعليهالسلام :
وبدأ معاوية يعبّئ جيشه ويكتب لعمّاله بموافاته لغزو العراق، وفي بعض كتبه لعمّاله يذكر أنّ بعض أشراف الكوفة وقادتهم كتبوا إليه يلتمسون منه الأمان لأنفسهم وعشائرهم، وإن صح هذا فهو أول الخذلان الذي ارتكبه أهل الكوفة بحقّ الإمام الحسنعليهالسلام .
وجاء في مذكرة رفعها معاوية ذات مضمون واحد إلى جميع عمّاله
__________
(١) مقاتل الطالبيين : ٥٦ ـ ٥٥ .
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ١٣ .