فأعلمني" وجاء سعيد بن قيس الهمداني فقال : اخرج فخرج الإمام الحسنعليهالسلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال(١) : "... أمّا بعد، فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين :( اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) فلستم ـ أيها الناس ـ نائلين ما تحبّون إلاّ بالصبر على ما تكرهون، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه أنّا كنّا أزمعنا المسير إليه فتحرّك لذلك، فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة .." فسكتوا(٢) .
٦ ـ استنكار الموقف المتخاذل :
وهكذا وقف أهل الكوفة هذا الموقف المتخاذل من قائدهم وإمامهم، إذ سكتوا حيث طلب منهم الإجابة على ندائه بالخروج إلى معسكرهم في النخيلة، فتحوّلت أعينهم وهلعت قلوبهم، فلمّا رأى ذلك عدي بن حاتم الطائي قام فقال : "أنا ابن حاتم، سبحان الله ! ما أقبح هذا المقام! ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيّكم؟ أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فإذا جَدّ الجدّ فروّاغون كالثعالب؟ أما تخافون مقت الله، ولا عيبها وعارها".
ثم استقبل الإمام الحسن بوجهه، فقال : "أصاب الله بك المراشد وجنّبك المكاره ووفّقك لما تحمد ورده وصدره، قد سمعنا مقالتك وانتهينا إلى أمرك وسمعنا لك وأطعنا فيما قلت ورأيت وهذا وجهي إلى معسكري، فمن أحبّ أن يوافيني فليواف " ثمّ مضى لوجهه، فخرج من المسجد ودابته بالباب فركبها ومضى إلى النخيلة
__________
(١) صلح الإمام الحسن : ٦٥، دار الغدير للطباعة والنشر ـ بيروت ـ ط ١٩٧٣.
(٢) أعيان الشيعة : ٤ / ١٩ .