9%

العدو وإيقافه في محلّه، واختار إلى مقدّمته خلّص أصحابه وخيرة عناصر جيشه، وكان عددهم اثني عشر ألفاً، وأعطى القيادة العامة إلى ابن عمّه عبيد الله بن العباس، وقد زوّده قبل تحرّكه بهذه الوصية القيّمة وهي :

"يابن العمّ! إنّي باعث معك اثني عشر ألفاً من فرسان العرب وقرّاء المصر، الرجل منهم يزيد الكتيبة، فسر بهم، وألِن لَهُم جانبك، وابسط لهم وجهك، وافرش لهم جناحك، وأدنهم من مجلسك، فإنّهم بقية ثقات أمير المؤمنين، وسر بهم على شطّ الفرات، ثمّ امضِ حتى تستقبل بهم معاوية، فإن أنت لقيته فاحتبسه حتى آتيك، فإنّي على أثرك وشيكاً، وليكن خبرك عندي كلّ يوم، وشاور هذين ـ قيس بن سعد وسعيد بن قيس ـ إذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك فإن فعل فقاتله، وإن أصبت فقيس بن سعد على الناس، فإن أُصيب فسعيد بن قيس على الناس "(١) .

٩ ـ خيانة قائد الجيش :

وصل عبيد الله بن العباس إلى " مسكن "(٢) فعسكر فيها، وقابل العدوّ وجهاً لوجه، وعندها بدأت تظهر بوادر الفتنة بوضوح، وانطلقت دسائس معاوية تشقّ طريقها إلى المعسكر حيث تجد المجال الخصب بوجود المنافقين ومن يؤثرون العافية، وكانت الشائعة الكاذبة " أنّ الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلِمَ تقتلون أنفسكم ؟ "(٣) .

وارتبك الموقف أمام قائد الجيش وسرت همهمة في الجيش عن

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٧٦ .

(٢) موضع قريب من " أوانا " على نهر الدجيل، وبها كانت الواقعة بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير سنة / ٧٢ هـ .

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ٤٢ .