وغادر الوفد مقصورة الإمام مستعرضاً مضارب الجيش الذي كان يترقّب نتائج المفاوضات، فرفع أحد أفراد الوفد صوته ليسمعه الناس : "إنّ الله قد حقن بابن رسول الله الدماء وسكّن الفتنة وأجاب إلى الصلح ..."(١) .
وهكذا مثّلوا دورهم أروع تمثيل، وخلقوا جوّاً لاهباً من المأساة تدهور على أثرها الموقف، وتفجّرت كوامن الفتنة واضطرب تماسك الجيش ولاحت في الأفق بوادر المحنة، فأيّ غائلة هذه التي ألهب نارها المغيرة ورفاقه ؟.
١١ ـ محاولات اغتيال الإمامعليهالسلام :
ولم تقف محنة الإمامعليهالسلام في جيشه إلى هذا الحدّ، فقد أقدم المرتشون والخوارج على قتله، وجرت ثلاث محاولات لاغتيالهعليهالسلام وسلم منها، وهي كما يلي :
١ ـ إنّهعليهالسلام كان يصلّي فرماه شخص بسهم فلم يؤثّر شيئاً فيه(٢) .
٢ ـ طعنه الجرّاح بن سنان في فخذه، وقال الشيخ المفيد : " إنّ الحسن أراد أن يمتحن أصحابه ليرى طاعتهم له وليكون على بصيرة من أمره، فأمر أن ينادى بالصلاة جامعة، فلمّا اجتمع الناس قام خطيباً فقال :
"... أمّا بعد، فإنّي والله لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملاً على مسلم ضغينة، ولا مريداً له بسوء ولا غائلة، وأنّ ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبّون في الفرقة، وأنّي ناظر لكم خير من نظركم
__________
(١) تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٩١ .
(٢) حياة الإمام الحسن : ٢ / ١٠٦ .