البحث الثاني : في الصلح وأسبابه ونتائجه
تعتبر المرحلة التي صالح فيها الإمام الحسنعليهالسلام معاوية بن أبي سفيان من أصعب مراحل حياتهعليهالسلام وأكثرها تعقيداً وحسّاسية وأشدها إيلاماً، بل إنّها كذلك وعلى مدى حياة أهل بيت رسول اللهعليهالسلام ، وقد أصبح صلح الإمامعليهالسلام من أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي بما تستبطنه من موقف بطولي للإمام المعصومعليهالسلام ، وبما أدّى إليه من تطورات واعتراضات وتفسيرات مختلفة طوال القرون السالفة وحتى عصرنا الحاضر، وألّف الباحثون المسلمون في توضيح وتحليل الصلح كتباً عديدة، وأصدر الأعداء والأصدقاء أحكامهم بشأنه.
وقد انبرى باحثون معاصرون من الطراز الممتاز مثل المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ راضي آل ياسين والشيخ باقر شريف القرشي للكتابة عن الإمامعليهالسلام وصلحه الذي قام به من أجل الإسلام.
وسنبدأ بالحديث عمّا ورد عن هذا الصلح تأريخياً، ثم ننقل كلمات الإمامعليهالسلام في الأسباب الكامنة وراء قبوله بالصلح، وبعد ذلك نقوم بالتحليل.
إتمام الحجّة :
ذكر المؤرّخون : أنّ الإمام الحسنعليهالسلام بعد أن رأى خيانات جيشه والمحيطين به ونفاقهم، مع أنّه لم يبق له ثمّة أمل في ثباتهم وصمودهم في مواجهة العدو، ومع انكشاف ما تنطوي عليه تلك الضمائر من رغبات، لكنّهعليهالسلام ولكي يتمّ الحجة ألقى فيهم الخطاب الآتي :
" ويلكم ! والله إنّ معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، وإنّي أظنّ إن وضعتُ يدي في يده فأسلمه لم يتركني أدين بدين جَدّي، وإنّي اَقدِرُ أن أعبدَ الله عَزَّ وجَلَّ وحدي، ولكن كأنّي أنظر إلى أبنائكم واقفين على