فعلت ـ الدنيا لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء ولا أثبت عند الحرب منّي، ولكن أردت صلاحكم وكفّ بعضكم عن بعض"(١) .
إلى يثرب :
بقي الإمام الحسنعليهالسلام في الكوفة أياماً، ثمّ عزم على مغادرة العراق، والشخوص إلى مدينة جدّه، وقد أظهر عزمه ونيّته إلى أصحابه، ولمّا أذيع ذلك دخل عليه المسيّب بن نجبة الفزاري وظبيان بن عمارة التميمي ليودّعاه، فالتفت لهما قائلاً : "الحمد لله الغالب على أمره، لو أجمع الخلق جميعاً على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا إنّه والله ما يكبر علينا هذا الأمر إلاّ أن تضاموا وتنتقصوا، فأمّا نحن فإنّهم سيطلبون مودّتنا بكلّ ما قدروا عليه" .
وطلب منه المسيّب وظبيان المكث في الكوفة فامتنععليهالسلام من إجابتهم قائلاً : "ليس إلى ذلك من سبيل"(٢) .
ولدى توجّههعليهالسلام وأهل بيته إلى عاصمة جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم ; خرج أهل الكوفة بجميع طبقاتهم إلى توديعه وهم ما بين باك وآسف(٣) .
وسار موكب الإمام ولكنّه لم يبعد كثيراً عن الكوفة حتى أدركه رسول معاوية يريد أن يردّه إلى الكوفة ليقاتل طائفة من الخوارج قد خرجت عليه، فأبىعليهالسلام أن يعود وكتب إلى معاوية : "ولو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فإنّي تركتك لصلاح الأُمة وحقن دمائها"(٤) .
وانتهت قافلة الإمام إلى يثرب، فلمّا علم أهلها بتشريفهعليهالسلام خفّوا
__________
(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٧٧ .
(٢) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ .
(٣) تحفة الأنام للفاخوري : ٦٧ .
(٤) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٧ .