9%

وضاق معاوية ذرعاً بالإمام الحسنعليه‌السلام حينما كان في دمشق بعد الذي رآه من إقبال الناس واحتفائهم به، فعقد مجالس حشدها بالقوى المنحرفة عن أهل البيتعليهم‌السلام والمعادية لهم مثل : ابن العاص والمغيرة بن شعبة ومروان بن الحكم والوليد بن عقبة وزياد بن أبيه وعبد الله بن الزبير، وأوعز لهم بالتطاول على ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والنيل منه، ليزهد الناس فيه، ويشفي نفسه من ابن فاتح مكة ومحطّم أوثان قريش، وقد قابله هؤلاء الأوغاد بمرارة القول وبذاءة الكلام، وكانعليه‌السلام يسدِّد لهم سهاماً من منطقه الفيّاض فيسكتهم.

ولقد كان الإمام في جميع تلك المناظرات هو الظافر المنتصر، وخصومه الضعفاء قد اعترتهم الاستكانة والهزيمة والذهول .

المناظرة الأُولى :

أقبل معاوية على الإمامعليه‌السلام فقال له : "يا حسن أنا خير منك !" فقال له الإمامعليه‌السلام : "وكيف ذاك يا بن هند ؟"، فقال معاوية : لأنّ الناس قد أجمعوا عليّ، ولم يجمعوا عليك .

فقال له الإمامعليه‌السلام : "هيهات، لشرّ ما علوت يا بن آكلة الأكباد، المجتمعون عليك رجلان : بين مطيع ومكره، فالطائع لك عاص لله، والمكره معذور بكتاب الله، وحاشا لله أن أقول أنا خير منك لأنّك لا خير فيك، فإنّ الله قد برّأني من الرذائل كما برأك من الفضائل"(١) .

المناظرة الثانية :

وهناك موقف آخر، ولعلّه من أروع ما نقله التأريخ من مواقف الإمامعليه‌السلام ، فقد اجتمع لدى معاوية أربعة من أعمدة حكمه ومروّجي جاهليّته، وهم : عمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وعتبة بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة، وطلبوا منه إحضار الإمامعليه‌السلام لكي يعيبوه وينالوا منه، بعدما ساءهم إلتفاف الناس حوله يلتمسون منه عطاء العلم والدين.

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٣٠٦ ، عن روضة الواعظين للنيسابوري .