ولا يخذلك عند الحقائق ، وإن تنازعتما منقسماً آثرك "(١) .
ويشتدّ الوجع بالإمامعليهالسلام ويسعر عليه الألم فيجزع ، فيلتفت إليه بعض عوّاده قائلاً له: يا بن رسول الله ، لِمَ هذا الجزع ؟ أليس الجدّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم والأب علي والأم فاطمة ، وأنت سيّد شباب أهل الجنة ؟! .
فأجابه بصوت خافت: "أبكي لخصلتين : هول المطلع ، وفراق الأحبّة"(٢) .
ب ـ وصيّته للإمام الحسينعليهالسلام :
ولمّا ازداد ألمه وثقل حاله استدعى أخاه سيّد الشهداء فأوصاه بوصيّته وعهد إليه بعهده ، وهذا نصّه :
"هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين ، أوصى أنّه يشهد أن لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، وأنّه يعبده حقّ عبادته ، لا شريك له في الملك، ولا وليّ له من الذلّ، وأنّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً ، وأنّه أولى من عبده ، وأحقّ من حمد ، من أطاعه رشد ، ومن عصاه غوى ، ومن تاب إليه اهتدى، فإنّي أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك ، أن تصفح عن مسيئهم ، وتقبل من محسنهم ، وتكون لهم خلفاً ووالداً ، وأن تدفنني مع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّي أحقّ به وببيته ، فإن أبوا عليك فأُنشدك الله وبالقرابة التي قرّب الله منك والرحم الماسّة من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يهراق من أمري محجمة من دم حتى تلقى رسول الله فتخصمهم وتخبره بما كان من أمر الناس إلينا"(٣) .
ج ـ وصيّته لمحمد بن الحنفية :
وأمر الإمامعليهالسلام قنبراً أن يحضر أخاه محمد بن الحنفية ، فمضى إليه مسرعاً فلمّا رآه محمد ذُعر فقال : هل حدث إلاّ خير ؟ ، فأجابه بصوت خافت : " أجب أبا محمد " .
__________
(١) أعيان الشيعة : ٤ / ٨٥ .
(٢) أمالي الصدوق : ١٣٣ .
(٣) أعيان الشيعة : ٤ / ٧٩ .