وذُكر أنّ مروان بن الحكم شتم الحسن بن عليعليهالسلام ، فلمّا فرغ قال الحسن :إنّي والله لا أمحو عنك شيئاً، ولكن مهّدك الله، فلئن كنت صادقاً فجزاك الله بصدقك، ولئن كنت كاذباً فجزاك الله بكذبك، والله أشدّ نقمةً منِّي .
وروي أنّ غلاماً لهعليهالسلام جنى جنايةً توجب العقاب، فأمر به أن يُضرب، فقال : يا مولاي ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) ، قال :عفوت عنك ، قال : يا مولاي( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ، قال :أنت حرٌ لوجه الله ولك ضعف ما كنت أعطيك (١) .
وروى المبرّد وابن عائشة: أنّ شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه والحسن لا يردّ، فلما فرغ أقبل الحسنعليهالسلام فسلّم عليه وضحك، فقال :"أيها الشيخ! أظنّك غريباً؟ ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسَوْناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً" .
فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال : أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ ... (٢) .
كرمه وجوده :
إنّ السخاء الحقيقي هو بذل الخير بداعي الخير، وبذل الإحسان بداعي
__________
(١) بحار الأنوار : ٤٣ / ٣٥٢ .
(٢) العوالم (الإمام الحسن) : ١٢١ نقلاً عن المناقب : ٣ / ١٨٤ .