نفسيّاً، وإفهامهم بأنّ أئمة أهل البيتعليهمالسلام يمكنهم أن يتحمّلوا مهمة رسالية في قطعة زمنية من أعمارهم .
ثالثاً : سياسات لابدّ من مواجهتها :
هنالك مجموعة من الغايات التربوية والسياسية التي كانت تكمن وراء إشراك النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أهل بيته في المباهلة، منها :
أ ـ إنّ إخراج العنصر النسوي ممثّلاً بفاطمة الزهراء ـ صلوات الله وسلامه عليها ـ والتي تعتبر الأنموذج الأسمى للمرأة المسلمة في أمر ديني ومصيري كهذا كان من أجل محو ذلك المفهوم الجاهلي البغيض، الذي كان لا يرى للمرأة أيّةَ قيمة أو شأن يذكر، بل كانوا يرون فيها مصدر شقاء وبلاء ومجلبة للعار ومظنّة للخيانة(١) ، فلم يكن يتصوّر أحد منهم أن يرى المرأة تشارك في مسألة حساسة وفاصلة، بل ومقدّسة كهذه المسألة، فضلاً عن أن تعتبر شريكة في الدعوى، وفي الدعوة لإثباتها .
ب ـ إنّ إخراج الحسنينعليهماالسلام إلى المباهلة بعنوان أنهما أبناء الرسول الأكرم محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّهما ابنا ابنته الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراءعليهاالسلام له دلالة هامة ومغزىً عميق، حيث إنّه "في الآية دلالة على أنّ الحسن والحسين ـ وهما ابنا البنت ـ يصح أن يقال : إنّهما ابنا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّه وعد أن يدعو أبناءه، ثم جاء بهما"(٢) ، وبالإضافة إلى ما أشير إليه آنفاً كان يهدف إلى إزالة المفهوم الجاهلي القائل بأنّ أبناء الأبناء هم الأبناء في الحقيقة دون أبناء البنات.
__________
(١) راجع : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : ١ / ٤٥ ـ ٤٧ .
(٢) تفسير الرازي : ٨ / ٨١، وفتح القدير : ١ / ٣٤٧، وتفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري : ٣ / ٢١٤، والتبيان : ٢ / ٤٨٥ عن أبي بكر الرازي (وهو غير الفخر الرازي)، ومجمع البيان : ٢ / ٤٥٢، والغدير : ٧ / ١٢٢ عنه وعن تفسير القرطبي : ٤ / ١٠٤ .