9%

٣ ـ إيفاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

بعد أن عرف الإمام عليّعليه‌السلام إصرار أبي موسى وعدم إفلاح الرسل معه; بعث إليه ولده الحسن ومعه عمار بن ياسر، وأرسل معه رسالة فيها عزل أبي موسى عن منصبه وتعيين قرضة بن كعب مكانه، وهذا نصّ رسالته : "أمّا بعد، فقد كنت أرى أن تعزب عن هذا الأمر الذي لم يجعل الله لك نصيباً منه، يمنعك عن ردّ أمري وقد بعثت الحسن بن عليّ وعمار بن ياسر يستفزّان الناس، وبعثت قرضة بن كعب والياً على المصر، فاعتزل عملنا مذموماً مدحوراً، فإن لم تفعل فإنّي قد أمرته أن ينابذك"(١) .

ووصل الإمام الحسنعليه‌السلام إلى الكوفة فالتأم الناس حوله زمراً، وهم يعربون له عن انقيادهم وطاعتهم، ويظهرون له الولاء والإخلاص، وأعلن الإمامعليه‌السلام عزل الوالي المتمرّد عن منصبه، وتعيين قرضة محلّه، ولكنّ أبا موسى بقي مصرّاً على موقفه، فأقبل على عمار بن ياسر يحدّثه في أمر عثمان علّه أن يجد في حديثه فرجة، فيتّهمه بدم عثمان ليتّخذ من ذلك وسيلة إلى خذلان الناس عن الإمام فقال له : "يا أبا اليقظان! أعدوت فيمن عدا على أمير المؤمنين فأحللت نفسك مع الفجار؟" فأجابه عمّار : "لم أفعل ولم تسؤني" .

وعرف الإمام الحسنعليه‌السلام غايته، فقطع حبل الجدال، وقال له : "يا أبا موسى! لِمَ تثبّط عنّا الناس؟" .

وأقبل الإمام يحدّثه برفق ولين لينزع روح الشرّ والعناد عن نفسه

__________

(١) حياة الإمام الحسن للقرشي : ١ / ٤٣٤ .