هي محور النزاع ومصدر الفتنة، فأبانعليهالسلام أنّ المختار للتحكيم إنّما يتبع قوله، ويكون رأيه فيصلاً للخصومة فيما إذا حكم بالحقّ، ولم يخضع للنزعات والأهواء الفاسدة، وأبو موسى لم يكن في تحكيمه خاضعاً للحقّ، وإنّما اتّبع هواه فرشّح عبد الله بن عمر للخلافة، مع أنّ أباه كان لا يراه أهلاً لها، مضافاً إلى أنّ الشرط الأساسي في الانتخاب اجتماع المهاجرين والأنصار على اختياره ولم يحصل ذلك له، كما أعربعليهالسلام في خطابه عن مشروعية التحكيم بالأمر الذي أنكرته الخوارج، مستدلاً عليه بتحكيم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لسعد بن معاذ في بني قريضة .
١١ ـ وصية الإمام أمير المؤمنينعليهالسلام إلى ابنه الحسنعليهالسلام :
ووجّه الإمام لدى عودته من صفّين بمنطقة يقال لها: "حاضرين" وصيةً مهمّة إلى ابنه الحسنعليهالسلام وقد تضمّنت دروساً بليغة :
"من الوالد الفان، المقرّ للزمان(١) ، المدبر العمر، المستسلم للدنيا، الساكن مساكن الموتى، والظاعن(٢) عنها غداً، إلى المولود المؤمّل ما لا يُدرك، السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام(٣) ، ورهينة(٤) الأيام، ورميّة(٥) المصائب .
أمّا بعد: فإن فيما تبيّنت من إدبار الدنيا عنّي، وجموح الدهر(٦) عليّ، وإقبال الآخرة
__________
(١) المقر للزمان : المعترف له بالشدة .
(٢) الراحل .
(٣) غرض الأسقام : هدف الأمراض ترمي إليه سهامها .
(٤) الرهينة : المرهونة .
(٥) ما أصاب السهم .
(٦) جموح الدهر : استقصاؤه وتغلّبه .