الربّاني الذي كانت تفرضه عليه ظروف المرحلة صيانة للرسالة والدولة الإسلامية من الانهيار وتحقيقاً لهويّة الأمة ومحافظة على الجماعة الصالحة من التحديات المستمرّة والمتزايدة يوماً بعد يوم.
لقد بقي هذا الإمام العظيم ثابتاً مقاوماً على خط الرسالة والعقيدة لا تأخذه في الله لومة لائم حتى قضى نحبه مسموماً شهيداً محتسباً حياته مضحّياً بكل ما يملك في سبيل الله وإعلاءً لكلمة الله ودين جدّه المصطفى محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم في الخامس والعشرين من رجب سنة (١٨٣) أو (١٨٤ هـ).
فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد في سبيل الله ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.
الفصل الثّاني: انطباعات عن شخصية الإمام موسى الكاظمعليهالسلام
أجمع المسلمون ـ على اختلاف نحلهم ومذاهبهم ـ على أفضلية أئمّة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، وأعلميّتهم ، وسموّ مقامهم ، ورفعة منزلتهم، وقدسيّة ذواتهم وقرب مكانتهم من الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى تنافسوا في الكتابة عنهم، وذكر أحاديث الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم، وبيان سيرهم، وأخلاقهم، وذكر ما ورد من حكمهم وتعاليمهم.
ولا غرو في ذلك بعد أن قرنهم الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرآن الكريم ـ كما ورد في حديث الثقلين ـ ووصفهم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بسفينة نوح التي من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى، ومثّلهم بباب حطّة الذي من دخله كان آمناً. إلى كثير من أحاديثهصلىاللهعليهوآلهوسلم في بيان فضلهم، والتنويه بعظمة مقامهم.
ونقدّم في هذا الفصل بعض الانطباعات ممّن عاصر الإمام الكاظمعليهالسلام عنه وممّن تلا عصره:
١ ـ قال عنه الإمام الصادقعليهالسلام :(فيه علم الحكم، والفهم والسخاء والمعرفة فيما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم، وفيه حسن الخلق، وحسن الجوار، وهو باب من أبواب الله عَزَّ وجَلَّ) (١) .
ــــــــــــ
(١) بحار الأنوار: ٤٨ / ١٢ عن عيون أخبار الرضا عليهالسلام .