الفصل الرابع: تراث الإمام الكاظمعليهالسلام
لقد ورث الإمام موسى الكاظمعليهالسلام مدرسة أبيه الصادقعليهالسلام وحظيت منه بالتوجيه والرعاية الشاملة لتلامذته وأصحابه بالرغم من قساوة الظروف وتغيّرها خلال ثلاثة عقود ونصف من العمل العلمي الدؤوب وتربية مستمرة للنابهين من صحابته وطلاّب المعرفة من أتباعه وشيعته. وقد أثرت عن الإمام الكاظمعليهالسلام عدة مجموعات روائية مثل: مسائل علي بن جعفر والأشعثيات ، وتصدّى المعنيون بتراث أهل البيتعليهمالسلام بجمع التراث المأثور عن أهل البيتعليهمالسلام وتنظيمه وتبويبه من مختلف المصادر وتسميته بالمسند. وهذا عمل يشكر عليه عامله لأنه يوفر للباحثين الفرصة الكافية للغور في هذا التراث ودراسته دراسة معمّقة بالأرقام.
وفيما يخصّ الإمام موسىعليهالسلام نلاحظ آخر ما جمع من كلامه وما يرتبط به من نصوص قد بلغ ثلاث مجلّدات يناهز مجموعها الألف صفحة مبوّبة حسب تبويب الموسوعات الحديثية مع فارق أو أكثر. فالمقدمة تشتمل على مجموعة من النصوص التي تخص نشأة الإمام وحياته وسيرته. ثم يقسّم تراثه الحديثي إلى أبواب العقائد والأخلاق والأحكام والسيرة والتاريخ والرجال.
وفيما يخصّ مسند الإمام الكاظمعليهالسلام إذا مررنا عليه مروراً عابراً وسريعاً أيضاً كفى ذلك لنقف على عظمة الدور الفكري والعطاء العلمي الذي قدّمه هذا الإمام العظيم إلى الأمة الإسلامية بشكل عام والى الجماعة الصالحة وطلاّب المعرفة المؤمنين بخط أهل البيتعليهمالسلام بشكل خاص، لا سيَّما إذا لاحظنا قساوة الظروف السياسية والاجتماعية التي مرّ بها الإمام موسىعليهالسلام وأصحابه وشيعته خلال ثلاثة عقود ونصف تقريباً.
لقد ترجم هذا المسند (٦٣٨) شخصاً من رواة الإمام الكاظمعليهالسلام وهو رقم كبير جداً بالنسبة للمدة الزمنية التي عرفناها والظروف التي وقفنا عليها. وقد اشتمل الفهرس على عدد نصوص كل باب من أبواب المعرفة. وتتراوح هذه النصوص بين نصوص مأثورة بواسطة الإمام الكاظمعليهالسلام عن آبائه عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وهي تكشف عن مدى اهتمامه بسيرة وحديث جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم وبين نصوص لا يسندها إلى أحد مما يمكن أن نعتبرها من تراثه الخاص كما نلاحظ ذلك في الرسالة الكبيرة التي أثرت عنه حول العقل ولعلها الرسالة الوحيدة الجامعة لما يخصّ العقل من شؤون في الكتاب والسنة وهي لوحدها تراث جامع وأثر خالد يتضمّن المنهج المعرفي القرآني والحديثي لأهل البيتعليهمالسلام كما سوف نراها بنصّها الكامل في ما سيأتي إن شاء الله تعالى.