9%

ومن آيات حلمهعليه‌السلام أنه اجتاز على جماعة من حسّاده وأعدائه، وكان فيهم ابن هياج فأمر بعض أتباعه أن يتعلق بلجام بغلة الإمام ويدّعيها فمضى الرجل إلى الإمام وتعلق بزمام بغلته فادعاها له فعرف الإمام غايته فنزل عن بغلته وأعطاها له(١) . لقد أقامعليه‌السلام بذلك أسمى مثل للإنسانية الفذّة والحلم الرفيع.

وكانعليه‌السلام يوصي أبناءه بالتحلّي بهذه الصفة الرفيعة ويأمرهم بالصفح عمن أساء إليهم فقد جمعهم وأوصاهم بذلك فقال:(يا بُنيّ: إني أوصيكم بوصية من حفظها انتفع بها، إذا أتاكم آت فأسمع أحدكم في الإذن اليمنى مكروهاً ثم تحوّل إلى اليسرى فاعتذر لكم، وقال: إني لم أقل شيئاً فاقبلوا عذره) (٢) .

٦ ـ إرشاده وتوجيهه:

إنّ إرشاد الناس إلى الحق وهدايتهم إلى الصواب من أهم الأمور الإصلاحية التي كان الإمام يعنى بها، فقد قام بدور مهم في إنقاذ جماعة ممن أغرّتهم الدنيا وجرفتهم بتيّاراتها. وببركة إرشاده ووعظه لهم تركوا ما هم فيه من الغيّ والضلال وصاروا من عيون المؤمنين. وقد ذكر المؤرخون بوادر كثيرة له في هذا المجال فقد رووا قصته مع بشر الحافي، إذ كان في بداية أمره ـ فيما يقول الرواة ـ يتعاطى الشراب ويقضي لياليه وأيامه في المجون والدعارة فتاب ببركة إرشاد الإمامعليه‌السلام وتوجيهه كما سوف نشير إلى قصّته مع الإمامعليه‌السلام فيما سيأتي(٣) .

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٨/١٤٨ عن فروع الكافي: ٨/٨٦.

(٢) كشف الغمة: ٣/٨ عن الجنابذي، والفصول المهمة لابن الصباغ: ٢٣٥.

(٣) راجع تمام القصة في الفصل الثّاني من الباب الثّالث: ٨٠.