9%

وأحزانه وما استجار أحد بضريحه المقدس إلا قضيت حوائجه، ورجع إلى أهله مثلوج القلب مستريح الفكر مما ألم به من طوارق الزمن وفجائع الأيام، وقد آمن بذلك جمهور شيعته بل عموم المسلمين على اختلاف طبقاتهم ونزعاتهم، فهذا شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي أبو علي الخلال يقول: (ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلا سهّل الله تعالى لي ما أحب)(١) .

وقال الإمام الشافعى: (قبر موسى الكاظم الترياق المجرَّب)(٢) .

لقد كان الإمام موسى في حياته مفزعاً وملجأ لعموم المسلمين وكذلك كان بعد وفاته حصناً منيعاً لمن استجار به(٣) .

الفصل الثّاني: مراحل حياة الإمام الكاظمعليه‌السلام

تبعاً لطبيعة الظروف التي مرّ بها الإمام الكاظمعليه‌السلام في حياته تنقسم الدراسة عن حياته إلى ثلاث مراحل متميّزة:

المرحلة الأولى : إذا اعتبرنا المرحلة الأولى من حياة الإمامعليه‌السلام هي مرحلة ما قبل التصدي للإمامة الشرعية أي منذ ولادته في سنة (١٢٨) أو (١٢٩ هـ) حتى استشهاد أبيه الصادقعليه‌السلام سنة (١٤٨ هـ).

فالمرحلة الأولى: هي مرحلة نشأته وحياته في ظلّ أبيهعليهما‌السلام وهي تناهز العقدين من عمره الشريف. وقد تميزت هذه المرحلة بظهور علمه الربّاني وقدرته الفائقة على الحوار والحجاج حتى أفحم مثل أبي حنيفة وهو صبي لم يتجاوز نصف العقد الواحد من عمره المبارك.

ــــــــــــ

(١) تأريخ بغداد: ١ / ١٣٣ طبعة دار الكتب العلمية بيروت.

(٢) تحفة العالم: ٢ / ٢٠.

(٣) لقد اعتقد أغلب المسلمين أن الله يكشف البلاء، ويدفع الضر بالالتجاء إلى ضريح الإمام عليه‌السلام ، وقال ابن شهر آشوب في مناقبه: رؤي في بغداد امرأة تهرول فقيل: إلى أين؟ قالت: إلى موسى بن جعفر فإنّه حُبس ابني، فقال لها حنبلي: إنّه قد مات في الحبس، فقالت: بحقّ المقتول في الحبس أن تريني القدرة، فإذا بابنها قد أطلق وأُخذ ابن المستهزئ بجنايته. المناقب: ٤ / ٣٠٥.