ولكن الإمام باشر مهامه بكل إحكام وإتقان وأوصى إلى ابنه الرضا وضمن للجماعة الصالحة استمرار المسيرة، وقضى مسموماً صابراً محتسباً. مكللاً جهاده بالشهادة في سبيل الله تعالى.
تأريخ الاستشهاد : استشهد مظلوماً في حبس السندي بن شاهك في ٢٥ من رجب سنة (١٨٣ هـ) ودفن في مقابر قريش في بغداد.
الفصل الثّالث: الإمام موسى الكاظم في ظلّ أبيهعليهماالسلام
لقد تميّزت المرحلة التي نشأ فيها الإمام موسى الكاظمعليهالسلام وعاصرها مع أبيه ـ منذ ولادته سنة (١٢٨ هـ) حتى وفاة أبيه سنة (١٤٨ هـ) بعدّة منعطفات تاريخيّة ونشاطات نوعية من قبل الإمام الصادقعليهالسلام حيث استطاع بقدراته الإلهيّة وحنكته الربانيّة أن يتجاوز تلك التحدّيات ، ويرسم الخط الإلهي الأصيل ويُنجز مهامّ الإمامة ويهيئ لولده الإمام الكاظمعليهالسلام الطريق لكي يمارس دوره المستقبلي.
ولمّا كنّا بصدد إلقاء الضوء على أهم ما امتازت به حياة الإمام الكاظم مع أبيهعليهماالسلام لنتصوّر من خلالها الأدوار المقبلة له أثناء تصدّيه للإمامة كان من الأهميّة أن نلخّص الظواهر البارزة في هذه المرحلة من حياته مع أبيهعليهالسلام كما يلي:
١ ـ ظاهرة التمرّد على السلطة والاعتقاد بأهميّة الثورة ، والندم على موقف السكوت أمام الباطل ، والدعوة للعلويين الذين يشكّلون الخط المناهض للحكم الأموي ، فظاهرة التمرّد أفقدت المركزية للسلطة وانتهت إلى عدم الطاعة للأمراء، حتى أصبح شعار الدعوة إلى الرضا من آل محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه المرحلة حديث الساعة الذي كان يتداوله الناس هنا وهناك.
وهذه الظاهرة أتاحت للإمام الصادقعليهالسلام أن ينفذ من خلالها لتطبيق برنامجه ما دامت السلطة مشغولة بالاضطرابات التي خلّفتها الثورة الحسينية.
٢ ـ في هذه الفترة ظهرت على المسرح السياسي مقدمات نشوء الدولة العبّاسية ، حيث استغلّ العبّاسيون هذه الأجواء وعقدوا اجتماعهم بالأبواء وقرّروا في ظاهر الأمر أن يكون الخليفة محمداً ذا النفس الزكية وروّجوا الدعوة للرضا من آل محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم لكنهم دعوا الناس إلى البيعة للعبّاسيين سرّاً، وعيّن إبراهيم الإمام في حينها غلامه أبا مسلم الخراساني قائداً عسكرياً على خراسان وأوصاه بالقتل والإبادة الجماعية والأخذ على الظِنّة والتهمة لخصومه الأمويين.
وكان موقف الإمام الصادقعليهالسلام من هذه الحركة العبّاسية هو الحياد وعدم المشاركة