وحجة الله أحرى بأن يكلّم مشافهة بعد شهادته؛ ولذلك فقد أضحىعليهالسلام وريث موسى كليم الله.
ثمّ إنّ السبط الشهيد هو وارث عيسى روح الله، ومن المعلوم أنّ عيسى بن مريمعليهالسلام لم يكن يمتلك من حطام الدنيا شيئاً، وهذه كانت خصيصة متميّزة في حياته؛ فهو لم يكن يمتلك بيتاً، ولا أثاثاً، ولا زوجةً، ولا أولاداً، ولا أموالا، إلى درجة أنّه لم يكن يمتلك حتّى وطناً؛ ولذلك سمّي بـ (المسيح)؛ لإنه كان يسيح في الأرض، وكان يلتحف السماء، ويفترش التراب، ويأكل مما تنبته الأرض.
أمّا الإمام الحسينعليهالسلام فقد كان يمتلك كل شيء دون أن يملكه شيء، وهذا هو أعظم الزهد؛ فقد كانعليهالسلام يمتلك الأموال الطائلة التي جاء بها إلى كربلاء، كما كان يمتلك أفضل الأصحاب، وأحسن الاُخوان، وأفضل الأولاد وأبرّهم، ولكنه أعطى في لحظة واحدة كلَّ ما كان يمتلكه، وقدّمه قرباناً لربّه؛ ولذلك صحّ أن نقف أمام ضريحه المقدّس ونقول:« السلام عليك يا وارث عيسى روح الله » .
والسؤال المهمّ الذي نريد أن نطرحه في هذا المجال هو: كيف بلغ السبط الشهيدعليهالسلام تلك الدرجة العليا، وما هي التربية التي تلقّاها بحيث أصبح مهيّأًً لهذه الكرامة الإلهية العظيمة؟
للجواب على ذلك نقول: إنّ الشهادة كرامة عظيمة من الله تعالى للإنسان، لا يؤتاها إلاّ مَن هيَّأ في نفسه أسبابها وعواملها. ومن المعلوم أنّ كلمات الإنسان رسول عقله، والتعبير عن شخصيته، ونحن عندما نقرأ