أدعية أبي عبد الله الحسينعليهالسلام وخصوصاً قمة أدعيته وذروتها جميعاً المتمثلة في دعاء يوم عرفة، فإننا سنكتشف شخصيته، وندرك أن هذه الشخصية تتلخص في كلمة واحدة، وهي أنّهعليهالسلام حبيب الله؛ فهوعليهالسلام يخاطب ربه قائلاً:« ماذا وجد من فقدك، وماذا فقد من وجدك » (١) .
لقد كانعليهالسلام يقف الساعات الطوال في صحراء عرفة، ودموعه تجري على خديه دون أن يشعر بالتعب؛ لأنّه كان يقف بين يدي حبيبه، وقد كان هذا هو ديدنه حتّى في اللحظات الأخيرة من حياته الشريفة؛ حيث ازدحم عليه ما يقرب من ثلاثين الفاً كلّهم يريدون سفك دمه، ومع ذلك فإنّه لم يطلب من بارئه أن ينقذه وينجيه، بل كانت كلماته كلمات إنسان عارف بالله تعالى، فكان يقول:« اللَّهمَّ أنت متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيٌّ عن الخلايق، عريض الكبرياء … » (٢) .
ذعر الحكم الاُموي من الإمام الحسين عليهالسلام
وبعد استشهاد الإمام الحسنعليهالسلام ، وتفاقم الانحرافات التي بدت من معاوية، كان الأخير يحاول أن يستميل أبا عبد الله الحسينعليهالسلام ويشتري رضاه أو سكوته على الأقل، ولكن الحسينعليهالسلام كان كزبر الحديد أمامه لا يلين.
وفي هذا المجال يروى أن مروان كان حاكماً من قبل معاوية على المدينة، وأنّه كتب رسالة إلى أميره يقول فيها: أمّا بعد، فقد كثر اختلاف
____________________
(١) مفاتيج الجنان - دعاء الإمام الحسينعليهالسلام في يوم عرفة / ٢٧٣.
(٢) مفاتيح الجنان - أعمال اليوم الثالث من شعبان / ١٦٤.