البنّاءة هو ما يسود اقتصادهم، بل كان اقتصادهم مبنياً على الغارات الليلية التي كانوا يباغتون بها بعضهم بعضاً.
فإذا أحست القبيلة بالفقر فإنّها تفكر في الغزو، وتعتبره عملاً مشروعاً؛ حيث تغير بالليل أو بالنهار على قبيلة اُخرى؛ فتقتل الرجال، وتسبي النساء، وتغنم ما استطاعت أن تغنمه من الأموال.
وكانت الغارات المتبادلة بينهم تخيّم على حياتهم، حتّى إنّ الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) يقول حينما يصوّر حياتهم:« كان شعارهم الخوف، ودثارهم السيف » (١) . ففي خارج ثيابهم يحملون السيف، وفي داخل أنفسهم كان يعشعش الخوف، وكانت نظرتهم الثقافية بدائية إلى أبعد الحدود.
أمّا عبادتهم فحدّث ولا حرج؛ فما كانت صلاتهم عند البيت إلاّ مكاء وتصدية (تصفيق وتصفير)، فكانوا يطوفون حول البيت عراة، وينشدون الأشعار الفاحشة أثناء الطواف، ويدعون الله بهذه الكلمات: (اغفر اغفر، وإن لم تغفر جزماً تغفر)، أو كانوا يقولون: (لبّيك اللَّهمَّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك ...) (٢) .
وكانت الكعبة بهذه المساحة تحمل أكثر من ثلاثمئة وستين صنماً، أمّا في بلادهم فكانوا يعبدون الأصنام التي يصنعونها بأيديهم من مواد شتى، بين حجارة أو تمر أو خشب، أمّا علاقاتهم الاجتماعية فكانت مبنية على أساس الخوف والترقّب؛ لأنّ أبسط الاُمور كانت قد تؤدي إلى
____________________
(١) نهج البلاغة - خطبة رقم ٨٩.
(٢) بحار الأنوار ٣ / ٢٥٣.