فإن لم نستطع أن ننتصر لشخص أبي عبد اللهعليهالسلام ، والفتية من أهل بيته وأصحابه وأنصاره، فلا بدّ من أن ننصر تلك المبادئ التي ثار من أجلها وضحّى في سبيلها؛ ولذلك نجد المؤمنين عندما يقفون أمام الضريح المقدس يردّدون هذا الهتاف القدسي الخالد: (لبيك يا أبا عبد الله)، وهم يعنون بهذا النداء أنّهم إن لم يكونوا حاضرين عند استنصاره واستغاثته، ولم ينصروه في ذلك اليوم نصرة مادية، فإنّهم سوف ينتصرون للمبادئ والقيم والرسالة التي من أجلها ضحّى، وفي سبيلها بذل أعزّ ابنائه وأنصاره.
ولذلك نجد هؤلاء المؤمنين يكرّرون أيضاً النداء التالي: (فيا ليتني كنت معكم فأفوز معكم) (١) ؛ لأنّ هذا التمنّي والرجاء إنّما هو تعبير عن ذلك الإخلاص الذي نحمله، عن تلك الروح الإيمانية التي نتمنّى أن نتحلّى بها، وعن ذلك المبدأ الذي اتخذناه طريقاً ومنهجاً.
واليوم وبعد مرور أكثر من أربعة عشر قرناً على ذلك التاريخ ما يزال هذا الهتاف يدوّي ويتجلّى في كل يوم، ولقد صدقت المقولة الخالدة: (كلّ يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء).
ففي كل يوم تتجلى المعركة بين الحقِّ والباطل، واُولئك الذين يريدون أن يفصلوا الواقع عن التاريخ، أو أن يجرّدوا التاريخ من سننه وبصائره ورؤاه فهم قشريون لا يريدون أن يتحمّلوا مسؤولياتهم.
____________________
(١) مفاتيح الجنان - زيارة الإمام الحسينعليهالسلام / ٤٢٧.