11%

وفي هذا المجال يُروى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صنع للزهراءعليها‌السلام قميصاً جديداً ليلة عرسها وزفافها، وكان لها قميص مرقوع، وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصاً خلقاً.

فأرادت أن تدفع اليه القميص المرقوع، فتذكّرت قوله تعالى:( لَن تَنَالُوا البِرَّ حتّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) ، فدفعت له الجديد، فلمّا قرب الزفاف نزل جبرئيل وقال: يا محمّد، إنّ الله يقرئك السّلام، وأمرني أن اُسلّم على فاطمة، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنة من السندس الأخضر(١) .

بين القول والفعل

وهكذا، فكلّما كان قلب الإنسان متعلّقاً بشيء كلّما كانت علاقتة النفسية به شديدة، وكلّما استطاع هذا الإنسان تحدّي هذه العلاقة كان ثوابه عظيماً، وخصوصاً العلماء، وبالأخص طلبة العلوم الدينية والمبلّغين.

فليس من الصحيح أن يدعو الناس إلى الإنفاق في حين أنّهم لا ينفقون بشكل عملي كما يقول تعالى:( أتَأْمُرُونَ الْنَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ) (البقرة/٤٤)، وكما يقول الإمام عليعليه‌السلام :« ما أحثّكم على طاعةٍ إلاّ وأسبقكم إليها » (٢) .

ونحن لو تعمّقنا في الآية السابقة، وخشعنا لها، لتبيّن لنا قبح وبشاعة أن يدعو الإنسان الناس إلى سلوك هو لا يتحلّى به كما يقول عزّ من قائل:( كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ) (الصف/٣).

____________________

(٨١) فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى / ٤٨٥.

(٨٢) نهج البلاغة - الخطبة رقم ١٧٥.