إلهي وصَفْتَ نفسكَ باللطفِ والرأفة لي قبل وجودِ ضَعفي، أفتمنعُني منهما بعد وجودِ ضَعفي! إلهي إن ظَهَرتِ المحاسنُ منّي فبفضلكَ ولك المِنّةُ عليَّ، وإنْ ظهرت المساوئ منّي فبعدلِكَ ولك الحجّةُ عليَّ. إلهي كيف تَكِلُني وقد تكفّلتَ لي، وكيف أُضامُ وأنت الناصرُ لي، أم كيف أخيبُ وأنت الحفيُّ بي؟! … » (١) .
وفي عشيّة يوم تاسوعاء، حينما زحف الجيش الاُموي الظالم على مخيم الإمام أبي عبد اللهعليهالسلام ، وبلغ ذلك الإمام، طلب إلى أخيه أبي الفضل العباسعليهالسلام أن يسأل العدو المهلة حتّى يجدّد وأصحابه (رضوان الله عليهم أجمعين) العهد بالقرآن الكريم، ويقضوا ليلتهم الأخيرة بإقامة الصلاة وقراءة الدعاء.
وقد وصف الأعداء قبل الأصدقاء أنّهم كانوا يسمعون من مخيم الإمام الحسينعليهالسلام وأصحابه دويّاً كدوّي النحل من شدّة التضرع والعبادة والدعاء.
وحتّى خلال اللّحظات الأخيرة؛ حيث كان نزف الدم قد أخذ من الإمام الحسينعليهالسلام كلّ مأخذ، لم يغفل سيّد الشهداءعليهالسلام عن ذكر الله طرفة عين، فقال إذ ذاك:« صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك » (٢) .
مَن هو الإمام الحسينعليهالسلام ؟
هذا هو الإمام الحسينعليهالسلام ، فجوهره المقدّس كان عرفانه بالله، وكان وجدانه حبّ الله؛ فقد كانعليهالسلام يألف الصلاة
____________________
(١) مفاتيح الجنان - دعاء الحسينعليهالسلام في يوم عرفة / ٢٧١.
(٢) مقتل الحسينعليهالسلام - المقرمّ / ٣٥٧.