وها هم طفقوا يتسللون إلى المجتمع الناشئ ليزرعوا فيه بذور النفاق والشقاق. إنهم كما الخلايا السرطانيّة امتدوا إلى كلِّ نفس طامعة، وقلب حاقد، ومستكبر يتوثب للسلطة، ومترف يبحث عن مصالحه.
وفي غفلة من الزمن تحققت رؤيا رسول اللهصلىاللهعليهوآله الذي أخبر أصحابه عنها ذات يوم بأنّه رأى قردة ينزون على منبره … فإذا بهذا الحزب الاستكباري يستغل الأوضاع المتوترة في عهد الخليفة الثالث، ويقوم بما يشبه انقلاباً عسكرياً يقوده معاوية بن أبي سفيان، ويخوض أصحاب النبيصلىاللهعليهوآله الميامين بقيادة أميرهم المقدام وإمامهم الهمام سيد الأوصياء علي بن أبي طالبعليهالسلام ، يخوضون ضدهم حرباً ضروساً في صفّين لا تختلف عن حروب رسول اللهصلىاللهعليهوآله ضد سلطة قريش.
وإذا سقط الإمام عليعليهالسلام شهيداً في محراب الكوفة بسيف غادر شحذه بنو اُميّة، وإذا مضى نجله الإمام الحسنعليهالسلام مسموماً ضمن مؤامرة اُموية، فإنّ للإمام الحسينعليهالسلام دوراً متميزاً في كربلاء؛ حيث يقتلع جذور الشجرة الخبيثة بإذن الله؛ وذلك بالدم المظلوم الذي يهزم سيف البغي والعدوان؛ حيث لا غدر ابن ملجم، ولا سمّ جعدة، بل بالمواجهة السافرة.
وهكذا أصبحت ملحمة كربلاء رمز المواجهه بين الحنفية البيضاء والشرك المتلصص، بين الحق الخالص الصريح والباطل المدنس المزخرف، بين الشجاعة والبطولة والتحدي وبين التذبذب والانطواء والتبرير ...
وأصبح الإمام الحسينعليهالسلام لواءً منشوراً لكل من يريد مقاومة الحكّام المتسترين بالدين، وتحريف العلماء الخونة للدين، وسكوت المتظاهرين