غير أبي عبد الله الحسينعليهالسلام الذي ادّخره الله سبحانه لمثل هذا اليوم؟ ولذلك فقد أصبحعليهالسلام مصباح الهدى وسفينة النجاة؛ لأنّه هو الذي أنقذ الله به البشرية كلها من الضلالة، وإلاّ لكان الدين في خبر كان، ولانتهى كما انتهت الأديان السابقة؛ فلقد علّم الحسينعليهالسلام البشرية أن حقيقة الدين هي المهمة لا مظاهره، وهو درس لنا نحن أيضاً؛ فإذا رأينا إنساناً يصلّي ولكنه يكذب بعد الصلاة، ويخون الأمانة، فعلينا أن نقول له: إن صلاتك مردودة عليك.
وإذا أردنا أن نجرّب مجتمعاً ما فعلينا أن نعرفه من خلال تعامل أفراده مع بعضهم البعض؛ فهل يؤدّون الأمانة، أم أنّهم يأكلون أموالهم بينهم بالباطل؟ ولقد جاء في الحديث عن الإمام الصادقعليهالسلام :« لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده؛ فإنَّ ذلك شيء اعتاده، فلو تركه استوحش لذلك » (١) .
إنّ الإمام الحسينعليهالسلام جاء ليعلّمنا أنّ الدين والإيمان حقيقة؛ فالإيمان ليس بالتظنّي ولا بالتمني، وإنّما هو ما وقّر في القلب، فإذا لم يوجد النور في القلب، ولم تكن للإنسان القدرة على نهي النفس عن الهوى، فيؤدي الصلاة وهو يعبد الشيطان وهوى النفس، فإنّ هذه الصلاة مردودة؛ فالله (عزّ وجلّ) لا يتقبل إلاّ من المتقين، وهذه هي حقيقة الدين.
ولقد أوضح لنا القرآن حقائق الدين، فهو يقول مرة:( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) (البقرة/١٧٧). فتولية الوجه
____________________
(١) اُصول الكافي ٢ / ١٠٥.