إبراهيم الخليلعليهالسلام محطّماً للأصنام؛ لأنّه رفض الانحراف، بل إنه بدأ مسيرة التوحيد من خلال الرفض؛ رفض عبادة الشمس والكواكب حتّى قال:( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماوَاتِ وَالأرض ) (الأنعام/ ٧٩)، فلولا رفضه لعبادة من هو دون الله لما كان موحداً، ولما عمد إلى تحطيم الأصنام.
وهكذا فإن الرفض هو بداية الإيمان، ولقد علّمنا أبو عبد الله الحسينعليهالسلام درس الرفض والتوحيد؛ فالسرّ الذي جعل العالم كلّه يقف إجلالاً لهعليهالسلام كلّما مرت ذكرى محرم هو في أنّ منهج التوحيد علّمه كيف يرفض الانحراف ولو كلّفه ذلك أن يسفك دمه.
فالإمام الحسينعليهالسلام أعلن عن ثورته بقوله:« إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحّرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله » (١) . فلم يقل: أنا لا اُبايع يزيد، بل قال: إنّ منهجي يختلف عن منهجه.
فمثل أبي عبد الله الحسين الذي رضع من ثدي الإيمان، وترعرع في حضن فاطمة الزهراءعليهاالسلام ، وشبَّ تحت رعاية أمير المؤمنينعليهالسلام لا يمكنه أن يبايع رجلاً فاسقاً كيزيد. فمَن كان مع الحسينعليهالسلام لا يمكن أن يكون مع يزيد، وهذا هو الطريق الصحيح.
ولقد أعلن الحسينعليهالسلام مرة اُخرى عن منهجه التوحيدي في رسالته إلى العلماء؛ حيث نقل في هذه الرسالة حديثاً عن رسول اللهصلىاللهعليهوآله يقول:« مَن رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً
____________________
(١) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٢٥.