ثمّ قالعليهالسلام :« مَن كان فينا باذلاً مُهجته، موطّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا؛ فانّي راحل مصبحاً إن شاء الله » (١) .
وهكذا فإنهعليهالسلام لم يُمَنِّ الناس بالإمارة والنصر والخيرات، وإنما أعلن لهم أنّ هذا الطريق لا بدّ وأن ينتهي بالشهادة. وعندما يتسلح قوم بهذه الفلسفة وهذه الروحية العالية فإنهم لا يمكن أن يغلبوا عن ضعف؛ لأنّ النهاية هي الشهادة، وهم قد بدؤوا بالنهاية هذه، أي اعتبروها بداية الطريق كما فعل الإمام الحسينعليهالسلام .
ونحن اليوم نجدد ذكرى أبي عبد الله الحسينعليهالسلام ، ونستقبل شهر محرم بما فيه من نفحات إلهية، وفرص للهداية، وعواطف جياشة، وأعين دامعة، وبما فيه من مجالس.
علينا أن نستقبله بالكلمة المسؤولة التي تحمّل الناس مسؤوليتهم الشرعية؛ فالقرآن الكريم يقول:( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُوا مَا بِاَنفُسِهِمْ ) (الرعد/١١)، ويقول:( وَأَن لَّيْسَ لِلإنسان إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ) (النجم/٤٠).
فالكل سوف يقف في ذلك اليوم الرهيب لكي يجيب ربه، ولا فرق في ذلك بين الكبير والصغير، والعالم والجاهل، والغني والفقير؛ فالجميع سوف يحملون معهم المسؤولية، فأنت مسؤول، وأنا مسؤول، وكلنا مسؤولون.
ومن مسيرة الإمام الحسينعليهالسلام ونهضته نستلهم ثمة أفكار، منها:
١ - فكرة المسؤولية، وهي الفكرة الاُولى التي زرعها الإمام الحسينعليهالسلام في روع الاُمّة؛ فهناك الكثير ممن جاء إلى الإمام الحسينعليهالسلام
____________________
(١) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٦ - ٣٦٧.