5%

كما أعلن الإمام عن أساه وشجاه على فقده لبضعة الرسول، فهو في حزن دائم وليل مسهّد، لا تنطفئ عنه نار اللوعة عليها حتّى يلتحق إلى جوار الله، وإنّه إذ ينصرف عن قبرها المقدّس فليس ذلك عن سأم ولا عن ملالة وكراهية، ولكن استجابة لتعاليم الإسلام الآمرة بالخلود إلى الصبر، ولولا ذلك لأقام عنده ولا يريم عنه.

وعاد الإمام إلى داره بعد أن وارى جثمان سيّدة نساء العالمين في مثواها الأخير، وقد نخب الحزن فؤاده ينظر إلى أطفاله وهم يبكون اُمّهم أمرّ البكاء، وأشجاه خصوصاً العقيلة زينب فكادت تندب اُمّها بذوب روحها تبكي عليها صباحاً ومساءً قد خلدت إلى الأسى والحزن.

لقد قطعت عقيلة بني هاشم دور طفولتها الحزينة وقد طافت بها الآلام القاسية والرزايا الموجعة؛ فقد فقدت جدّها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي كان يفيض عليها بعطفه وحنانه، ولم تمض بعد وفاته إلاّ أيام يسيرة حتّى فقدت اُمّها الرؤوم التي عاشت في هذه الدنيا وعمرها كعمر الزهور، وفاجأها الموت وهي في شبابها الغضّ الأهاب؛ فقد صُبّت عليها الكوارث والمصائب، والتي كان من أقساها جحد القوم لحقّها، وإجماعهم على هضمها وهي ابنة نبيّهم الذي برّ بدينهم ودنياهم.

لقد وعت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهي في سنّها الباكر الأهداف الأساسية التي دعت القوم إلى هضم اُمّها وجحد حقوقها وإقصاء أبيها عن قيادة الاُمّة، كلّ ذلك طمعاً بالحكم والظفر بالإمرة والسلطان.

وفاة أبي بكر

ولم يطل سلطان أبي بكر فقد ألمّت به الأمراض بعد مضي ما يزيد على سنتين من حكمه، وقد قلّد صاحبه عمر شؤون الخلافة، وقد لاقى معارضة شديدة من أعلام