ولذعته هذه السخرية، فخاطب عمر: لأصنعنّ لك رحى يتحدّث الناس بها.
وفي اليوم الثاني قام بعملية الاغتيال(١) ، فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرّة فخرقت الصفاق(٢) ، وهي التي قضت عليه، ثمّ هجم على مَنْ في المسجد فطعن أحد عشر رجلاً، وعمد إلى نفسه فانتحر(٣) ، وحُمل عمر إلى داره وجراحاته تنزف دماً، فقال لمَنْ حوله: مَنْ طعنني؟
- غلام المغيرة.
- ألم أقل لكم: لا تجلبوا لنا من العلوج أحداً فغلبتموني؟(٤) .
وأحضر أهله له طبيباً، فقال له: أيّ الشراب أحبّ إليك؟
- النبيذ.
فسقوه منه فخرج من بعض طعناته صديداً، ثم سقوه لبناً فخرج من بعض طعناته، فيئس منه الطبيب، وقال له: لا أرى أن تُمسي(٥) .
ولمّا أيقن عمر بدنوّ الأجل المحتوم منه أخذ يطيل التفكير فيمَنْ يتولّى شؤون
____________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٢١٢.
(٢) الصفاق: الجلد الأسفل الذي تحت الجلد.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٨٥.
(٤) شرح نهج البلاغة ١٢ / ١٨٧.
(٥) الاستيعاب (المطبوع على هامش الإصابة) ٢ / ٤٦١.