ثمّ جعلها - عمر - شورى بين ستّة نفر، فلم يكن رجل منهم إلاّ رجاها لنفسه ورجاها له قومه، وتطلّعت إلى ذلك نفسه(١) .
لقد شاعت الأطماع السياسيّة بشكل سافر عند بعض أعضاء الشورى وغيرهم، فاندفعوا إلى خلق الحزبية في المجتمع الإسلامي للوصول إلى كرسي الحكم والظفر بخيرات البلاد.
وعلى أيّ حال، فقد ذكرنا بصورة موضوعية وشاملة آفات الشورى في كتابنا (حياة الإمام الحسين)، وقد ألمحنا إليها في هذه البحوث؛ وذلك لأنّها تُلقي الأضواء على الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة في ذلك العصر الذي عاشت فيه عقيلة بني هاشم، والتي أدّت إلى ما عانته من الأهوال والكوارث التي تذهل كلّ كائن حيّ.
واجتمع أعضاء الشورى في بيت المال، وقيل في بيت مسرور بن مخرمة، وتداولوا الحديث عمّن أحقّ بأمر المسلمين، وكثر الجدل فيما بينهم، فانبرى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فحذّرهم من الخلاف والفتنة إن استجابوا لعواطفهم، ولم يؤثروا المصلحة العامة للمسلمين، قائلاً:«لم يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ، وصلة رحم، وعائدة كرم، فاسمعوا قولي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتطي فيه السيوف، وتخالف منه العهود، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضلال، وشيعة لأهل الجهالة» .
ولم يعوا منطق الإمام ونصيحته؛ فقد استجابوا لعواطفهم، وكان الاُمويّون قد حفوا بأهل الشورى وهم يقدّمون لهم الوعود المعسولة إن انتخبوا عميدهم عثمان.
____________________
(١) العقد الفريد ٣ / ٧٣ - ٧٤.