لقد خلقت الشورى العمرية الفتن والضغائن بين المسلمين، وحجبت الاُسرة النبويّة عن القيادة العامة للعالم الإسلامي، وسلّطت عليهم شرار خلق الله؛ فأمعنوا في ظلمهم والتنكيل بهم.
وما كارثة كربلاء وما عانته عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السّلام) من صنوف الظلم والكوارث التي هي - من دون شك - من النتائج المباشرة لأحداث الشورى والسقيفة، فإنّهما الأساس لكلّ ما لحق بآل النبي (صلّى الله عليه وآله) من الكوارث والخطوب.
وتسلّم عثمان قيادة الاُمّة، وقد احتفّ به بنو اُميّة وآل أبي معيط، وأخذوا يتصرّفون في شؤون الدولة حسب رغباتهم وميولهم، ولا شأن لعثمان في جميع المناحي السياسيّة والاقتصادية؛ فقد كان بمعزل عنها، وقد سيطر عليها وتسلّم قيادتها مروان بن الحكم الوزغ بن الوزغ، والذي يسمّيه معاصروه بالخيط الباطل؛ وذلك لخبثه وسوء سريرته، فكان وزيره ومستشاره. وقد هام عثمان بحبّ اُسرته، وتفانى في الولاء لهم فكان يقول: لو كانت مفاتيح الجنّة بيدي لأعطيتها لبني اُميّة(١) .
وقد أسند مناصب الدولة لهم، كما عيّنهم ولاة في معظم الأقاليم الإسلاميّة، ووهبهم الثراء العريض فكانوا في طليعة الرأسماليين في العالم الإسلامي، وقد عرضنا في بعض كتبنا(٢) بصورة موضوعية وشاملة إلى الهبات المالية الهائلة التي منحها عثمان لاُسرته، كما عرض لها الحجّة الأميني، والدكتور طه حسين، والعقّاد وغيرهم.
وقد أدّت هباته ومنحه الامتيازات الخاصة لهم إلى نقمة المسلمين،
____________________
(١) مسند أحمد ١ / ٦٢.
(٢) حياة الإمام الحسن، وحياة الإمام الحسين (عليهما السّلام).