عثمان وبطانته، فخفّت بعض الكتائب العسكريّة فزحفت إلى يثرب، وأحاطت بدار عثمان وطلبت منه إبعاد مروان وإقصاء بني اُميّة عنه، أو الاستقالة من منصبه، فوعدهم بتنفيذ أهم متطلباتهم، وهي إقصاء بني اُميّة، إلاّ أنّه خان بوعده، وكتب إلى ولاته على الأقطار بالتنكيل بمَنْ استجاب للمعارضة ممّن قدموا إلى يثرب.
وقبض الثوار في أثناء رجوعهم إلى مدنهم على رسائله التي بعثها إلى ولاته في التنكيل بهم، ففزعوا وقفلوا راجعين إلى يثرب، وعرضوا عليه رسائله وطالبوه بالاستقالة الفورية من منصبه فلم يستجب لهم، وأصرّ على الاحتفاظ بكرسي الحكم، فعمدوا إلى الإجهاز عليه فقتلوه شرّ قتلة، وتركوا جسده مرمياً على مزبلة من مزابل يثرب؛ استهانة به، ولم يسمحوا بمواراته إلاّ أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) توسّط في دفنه، فاستجاب له الثوار على كره، فدفنوه في حش كوكب.
لقد انتهت حكومة عثمان، وقد أخلدت للمسلمين المصاعب والفتن وألقتهم في شرّ عظيم؛ فقد اتّخذت عائشة قتله وسيلة لتحقيق مآربها وأطماعها السياسيّة، فراحت تُطالب الإمام بدمه، وهي التي أفتت بقتله وكفره، كما اتّخذ الذئب الجاهلي معاوية بن هند قتل عثمان ورقة رابحة للتمرّد على حكومة الإمام والمطالبة بدمه.
وعلى أيّ حال، فقد رأت حفيدة النبي (صلّى الله عليه وآله) السيّدة زينب (عليها السّلام) هذه الأحداث الجسام ووعت أهدافها السياسيّة، فكان لها أعمق الأثر في نفسها؛ فقد كان لها من المضاعفات السيئة ما اهتز من هولها العالم الإسلامي، والتي كان من نتائجها كارثة كربلاء التي رُزئت فيها السيدة زينب؛ فقد عانت من الكوارث والخطوب ما تذوب من هولها الجبال.
وبعدما أطاح الثوار بحكومة عثمان أحاطوا بالإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهم يهتفون