5%

بيده الشلاّء التي سرعان ما نكث بها عهد الله، فتطيّر منها الإمام وقال:«ما أخلفه أن ينكث» (١) .

ثمّ بايعه الزبير وهو ممّن نكث بيعته، وبايعته القوات العسكريّة، كما بايعه مَنْ بقي من أهل بدر والمهاجرين والأنصار كافة(٢) .

ولم يظفر أحد من خلفاء المسلمين بمثل هذه البيعة في شمولها، وقد فرح بها المسلمون وابتهجوا، ووصف الإمام (عليه السّلام) مدى سرورهم بقوله:«وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إيّاي أن ابتهج بها الصغير، وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب» .

لقد ابتهج المسلمون، وعمّت الفرحة الكبرى جميع الأوساط الإسلاميّة بخلافة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) رائد العدالة الاجتماعيّة، والمتبنّي لحقوق الإنسان الذي شارك البؤساء والمحرومين في سغبهم ومحنهم، القائل:«أأقنع من نفسي بأن يُقال: أمير المؤمنين، ولا اُشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون اُسوة لهم في جشوبة العيش؟!» .

وجوم القرشيّين

واستقبلت قريش خلافة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بكثير من الوجوم والقلق والاضطراب كما استقبلوا نبوّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ فإنّ الروح الجاهليّة بما تحمل من عادات وتقاليد وكراهية للحقّ لم تزل مائلة فيهم، ولم يغيّر الإسلام من طباعهم أيّ شيء.

وقريش تعرف الإمام جيداً؛ فهو الذي حصد رؤوس أعلامهم بسيفه، ومحق

____________________

(١) العقد الفريد ٣ / ٩٣.

(٢) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٣٧٦.