5%

ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي» .

لقد كان الإمام (عليه السّلام) عالماً بأطماعهما وما انطوت عليه نفوسهما من التهالك على الإمرة والسلطان، ولو كان يعلم نزاهتهما واستقامتهما لولاّهما البصرة والكوفة.

ولمّا علم طلحة والزّبير أنّ الإمام لا يولّيهما على قطر من أقطار المسلمين خفّا إليه طالبين منه الإذن بالخروج قائلين: ائذن لنا يا أمير المؤمنين.

-((إلى أين؟)) .

- نريد العمرة.

فرمقهما الإمام بطرفه، وعرّفهما ما يريدان قائلاً لهما:«والله ما العمرة تريدان، بل الغدرة ونكث البيعة» . فأقسما له بالأيمان المغلّظة أنّهما لا يخلعان بيعته، وأنّهما يريدان أن يعتمرا بالبيت الحرام، وطلب منهما الإمام أن يُعيدا له البيعة ثانياً ففعلا دون تردد، ومضيا منهزمين إلى مكة يثيرا الفتنة، ويلحقا بعائشة ليتّخذوها واجهة لتمرّدهما على الحقّ وشقّ كلمة المسلمين.

تمرّد عائشة

ويجمع المؤرّخون على أنّ عائشة في طليعة مَنْ أشعل نار الثورة على عثمان؛ فقد أفتت بقتله ومروقة من الدين، وكانت تسمّيه نعثلاً، ولمّا أحاط به الثوار خرجت إلى مكة، وبعد أدائهما لمناسك الحج قفلت راجعة إلى يثرب، وهي تجدّ في السير لتنظر ما آل إليه أمر عثمان، فلمّا انتهت إلى سرف لقيها رجل من أخوالها كان قادماً من المدينة، فأسرعت قائلة: مهيم(١) .

____________________

(١) مهيم: كلمة استفهام، من معانيها: ما وراؤك.