5%

أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فلولاها لما تمكّن ابن هند من مناجزة الإمام ورفضه لبيعته.

وقد اتّخذ معاوية دم عثمان ورقة رابحة للمطالبة بدمه، ومن المؤكّد زيف هذه الدعوى وعدم واقعيتها؛ فقد استنجد به عثمان حينما حوصر وطلب منه أن يسعفه بقوّة عسكرية لرفع الحصار عنه فلم يستجب له حتّى أجهز عليه الثوار.

إنّ الذي دعا معاوية إلى التمرّد على حكومة الإمام (عليه السّلام) هو ما يعلمه من سيرة الإمام وسياسته الهادفة إلى إقامة الحقّ وتدمير الباطل؛ فالإمام لا يُبقي معاوية في جهاز الحكم لحظة واحدة، ويُجرّده من جميع أمواله التي اختلسها من بيت مال المسلمين، ويُحاسبه حساباً عسيراً على جميع تصرّفاته المجافية لروح الإسلام؛ من لبس الحرير والديباج، واستعمال أواني الذهب والفضة، والإسراف الفظيع في بناء القصور، ولا يقرّ شرعيّة دعم عمر له وثنائه عليه ومبالغته في تأييده؛ فهو الذي لم يحاسبه على أعماله التي تصادمت مع تعاليم الإسلام، وقال فيه: إنّه كسرى العرب. واعتبر الإمام ذلك تعدٍّ على سياسة العدل التي تبنّاها في جميع مراحل حكمه وحياته.

وعلى أيّ حال، فقد بعث الإمام إلى معاوية جرير بن عبد الله البجلي وزوّده برسالة يدعوه فيها إلى مبايعته والدخول في طاعته، إلاّ أنّ معاوية أصرّ على غيّه ورفض الاستجابة لدعوة الحقّ والوئام؛ فقد توفّرت عنده القوّة العسكريّة التي يستطيع بها على محاربة الإمام.

زحف معاوية لصفّين

وبعدما توفّرت لمعاوية الإمكانيات العسكريّة والقوى المكثفة زحف بها إلى صفّين وأقام فيها، وكان أوّل عمل قام به احتلال الفرات، واعتبر ذلك أوّل الفتح؛ لأنّه حبس الماء على عدوّه، وظلّت جيوشه مقيمة هناك تصلح أمرها وتنظّم قواها لتستعدّ إلى حرب وصيّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه.