5%

والأشعث يعلم لِمَ رفعوا المصاحف ولاذوا بها، فأجابه معاوية: لنرجع نحن وأنتم إلى أمر الله عزّ وجلّ في كتابه؛ تبعثون منكم رجلاً ترضون به ونبعث منّا رجلاً، ثمّ نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتّبع ما اتّفقنا عليه.

وهل ابن هند يؤمن بكتاب الله ويتّبع ما حكم به؟! أوَليس خروجه على السلطة الشرعيّة مجافية لتعاليم القرآن؟!

وعلى أيّ حال، فقد انبرى الخائن الأشعث يصدّق مقالة معاوية قائلاً: هذا هو الحقّ.

وانبرى الإمام (عليه السّلام) فزيّف دعوة التحكيم، وعرّف الجماهير أنّها خدعة ومكيدة، وأنّ معاوية وحزبه لا يؤمنون بالقرآن، وأنّهم على ضلالهم القديم.

وأصرّ جيش الإمام على الاستجابة لدعوة معاوية، وهدّدوه بالقتل إن رفض ما أرادوه؛ فاستجاب (عليه السّلام) مرغماً مكرهاً على ذلك، وقد أشرفت بعض قطعات جيشه بقيادة الزعيم الكبير مالك الأشتر على الفتح، ولم يبقَ بينها وبين القبض على معاوية إلاّ مقدار حلبة شاة، فطلب منه الإمام (عليه السّلام) في تلك الساعة الحرجة أن يسحب الجيش ويوقف القتال، فلم يستجب أوّلاً إلى ذلك، فأمره الإمام (عليه السّلام) ثانياً بالانسحاب؛ لأنّ جيشه قد أحاط به وأعلنوا العصيان وهدّدوه بالقتل، فاستجاب الأشتر وانسحب عن ميدان القتال.

وعلى أيّ حال، فقد أوقف القتال، وكان ذلك فوزاً ساحقاً لمعاوية؛ فقد سلم من الخطر المحدق به، ومُني جيش الإمام بالتمرّد والعصيان، وشاعت في جميع قطعاته التفرقة والخلاف.

انتخاب الأشعري

وأصرّ المتمرّدون على انتخاب الأشعري ليكون ممثلاً للجيش العراقي، فرفض